edf40wrjww2article:art_body
fiogf49gjkf0d
المطلب الاول :- -
طبيعة المشكلة الايفوارية بالرغم من ان التعدد لا يعتبر مشكلة فى حد ذاته ، بل انه ربما يتيح فرصآ لاثراء المجتمع الا أن السياسيات التى تتبعها الأنظمة السياسية هى التى تخلق ما يعرف ب " الوعى بالتنوع" بمعنى أن ينظر الفرد الى نفسه باعتباره ينتمى أولآ الى دين أو جماعة أثنية او لغة معينة ومن ثم فهو يتعامل مع الأخرين باعتبارهم مختلفين عنه ، حيث يسمو ولاءه لتلك الانتماءات الضيقة على ولاءه للدولة التى ينتمى اليها . متي وكيف انفجرت الصراعات الداخلية، منذ منتصف الستينيات تقريبًا، بدأت تنفجر الصراعات الداخلية وظهرت الانقسامات حول مسائل تتعلق بالعرفية كاللغة والدين والعنصر والإقليم أو الأرض، ومن ثمبدأ يظهر تحول جديد في الشعارات السياسية، والمفاهيم الأكاديمية وأصبحت مادة جديدة للجدل السياسي والنقاش الأكاديمي فالسلطة السياسية المركزية للدولة، والتي كانت فيما تمثل سبق فاعلاً أساسيًا في مرحلة بناء الدولة والنمو الاقتصادي، وصاحبة المبادرة والتوجيه والتحكم في مستقبل البلاد، صارت هذه السلطة خاصة بعد تفجر الانقسامات العرقية والوعي التعددي، أقرب إلى الحكم في الاختلافات وتركزت مهمتها في تمكين التفاعلات والمجتمعات الإقليمية أو المحلية من تحقيق مصالحه لقد شهدت افريقيا اكثر من نصيبها العادل من الصراع العرقي مع دول مثل رواندا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية السودان و ساحل العاج (1)
لقد عمل الاستعمار على تعميق "النزعة العنصرية العاجية" والذي بدأ واضحاً في استئثار قادة الجنوب المسيحي الوثني بالمناصب السيادية والجيش ووظائف الدولة وسيادة النزعة السادية الجنوبية وسن القوانين التي تضمن تَسّيِد الجنوبيين وإنفرادهم بالامتيازات والحقوق والثروة الوطنية, الأمر الذي أوجد هوة طبقية كبيرة وفتح المجال أمام المنافسين الدوليين للدخول على خط صراع المصالح والنفوذ ابتداءً من العام 1990 بقيادة الدورالأميركي, لكن رغم توافق المتصارعين الدوليين على الحد من حركة الأسلمة المتصاعدة في الأوساط المسيحية والوثنية فقد ظلّت لغة المصالح الغالبة دوماً ولو على حساب الشعوب الإفريقية المغلوبة على أمرها. صارت نظرة قادة الجنوب للشمال العاجي على أنه "سودان ساحل العاج" لتغليب الهوية العاجية والعرق العاجي النقي, مُدّعماً برزمة طويلة من التعديلات الدستورية والقوانين العنصرية, من قبيل: تعهد "بوانييه" أمام بابا الفاتيكان بجعل ساحل العاج مسيحية 100 بالمائة وتقسيمه البلاد إلى شقين,
الأول (1) "مسلم" في الشمال مهمته مقتصرة على زراعة الكاكاو وبيعه في أسواق الجنوب بأثمان زهيدة ومن ثم قيام سماسرة الجنوب ببيعه في الأسواق العالمية بأثمان عالية واستفادتهم من فارق السعر في بناء إمبراطورياتهم الاقتصادية تاركين الشمال تحت رحمة الفقر والحرمان,
والثاني: "مسيحي ووثني" في الجنوب والغرب محتكر للسلطة والثروة والاقتصاد, ومحمي بالقوات الفرنسية, والتي ضَمِنَت لحكام الجنوب الأمن الداخلي والخارجي ومهمة الفصل العنصري بين سكان الشمال وسكان الجنوب, بعد أن حرص مؤسس الدولة على تأسيسها بامتيازات كاثوليكية بحتة, وإلغاء الأيام والأعياد الإسلامية من قائمة العطل الرسمية, وبالتالي أصبحت المناصب الحكومية والكادر الوظيفي في أجهزة الدولة حكراً على المسيحيين والوثنيين والفرنسيين في حين لم تتجاوز حصة الشماليين من الكادر الوظيفي 10% .أولا التعددية تتميز البلاد بالتعددية في كل مكوناتها العامة ويمكن تناول ذلك كما يلي :
1- التعدد العرقى تتميز ساحل العاج بالتنوع العرقي وبها أكثر من ستين مجموعة عرقية محلية يمكن جمعها في سبع جماعات رئيسة بتجميع المجموعات الصغيرة علي أساس الثقافة المشتركة والخصائص التاريخية، ويمكن أيضا إعادة تقسيمها إلى أربع أقاليم ثقافية رئيسية هي مجموعة غرب الأطلنطي أو أكان (AKAN )أو شرق الأطلنطي(KRU )ثم االديولا والماندي الشمالى والماندى الجنوبى (2) ويمكن التفريق بينها علي أساس البيئة، النشاط الاقتصادي، اللغة، وفوق هذا كله الخصائص الثقافية.
ب:-التعدد اللغوي يعتبر التعدد اللغوي والتنوع الثقافي سمة ملازمة للمجتمع البشري، بحيث يصعب الحديث عن مجتمع أحادي اللغة أو الثقافة، ففي كل الدول تتعايش اللغات المختلفة والثقافات المتنوعة بهذا القدر أو ذاك. يشكل تعدد اللغات في ساحل العاج ظاهرة لافتة للانتباه.فرغم صغر مساحة البلد ومحدودية عدد سكانه تتعايش داخله اثنتان وسبعون لغة محلية. إضافة إلى اللغة الفرنسية التي هي لغة البلاد الرسمية. ويلفت هذا التنوع اللغوي الكبير أنظار الدارسين الذين يذهبون مذاهب شتى في تحديد أسبابه الأصلية وآثاره الحالية على حياة الناس. االتوزيع على الخريطة ملحق رقم (2) تستخدم الفرنسية في المدارس والتجارة ويتحدثها الرجال بطلاقة أكثر من النساء ومعظم المطبوعات بما في ذلك المستندات الحكومية مطبوعة في فرنسا، يندر وجود صحف ناطقة بالعامية ولكن الأناجيل وبعض المواد المدرسية قد تمت ترجمتها إلي اللغات الأفريقية الرئيسية تدرس اللغة العربية في المدارس الإسلامية القرآنية التي يكثر انتشارها في الشمال ويتحدثها بعض المثقفين والمهجرين من لبنان وسوريا ولكن الإنجليزية غير شائعة حتى في أوساط المتعلمين.
ج:- التعدد الديني تاريخيا كانت كل الجماعات العرقية فى المنطقة فى الاصل وثنية ،حيث العلاقة بالعالم الروحى بالتوازى مع التاثير على العالم المرئى بسبب معتقداتهم الدينية ونظرتها للعالم ،حتى تم توسيع الاسلام فى حزام السافانا تقسيم الصحراء غابات المنطقة الساحلية من الغرب الى الشرق خلال القرن 16(1) تبلغ المساحة حوالي 322.462 كم يقدر أن يبلغ عدد سكانها 19.997.000 سنة 2009 [2].
وتشمل الأديان في البلاد دين بين 38.6 % بالإسلام، 32.8 % بالمسيحية، بينما تتبع نسبة ما بين 11.9% ديانات محلية في حين لا يتبع 16.7 % أي دين الديانات الأكثر انتشارا يوجد المسلمون بإعداد كبيرة في شمال البلاد المسلمون يشكلون نحو 65% من سكان ساحل العاج. في ساحل العاج يؤدي المسلمين الصلاة والصيام والزكاة وفقا لما تقتضيه تعاليم الإسلام والعديد يؤدون فريضة الحج باعتبارها أمر إلزامي. معظم المسلمين هم من أهل السنة والجماعة ويتبعون المذهب المالكي. وبدؤا بالانتشار في بعض مراكز الجنوب والغرب والشرق نتيجة للهجرات والنزوح والتزاوج المختلط،.
يعيش الكاثوليك في الجنوب والذى وصل الى ساحل العاج مع المبشرين الاوربين فى القرن التاسع عشر
المطلب الثانى :
أسباب الصراع السياسى
نعمت كوت ديفوار منذ نيلها الاستقلال في عام 1960 ولما يزيد على ثلاثة عقود باستقرار سياسي ورخاء اقتصادي واجتماعي نسبي تحت قائدها ومؤسسها الرئيس فيلكس هوفييه بوانييه. ونتيجة لذلك اجتذبت البلاد أعدادا كبيرة من العمال الأجانب معظمهم من البلدان المجاورة إضافة إلى المستثمرين. وفي أعقاب وفاة الرئيس هوفييه بوانييه في 7 ديسمبر 1993 انغمست ساحل العاج في صراع طويل الأمد على السلطة أحدث قلاقل سياسية شديدة وانتهى في ديسمبر 1999 بانقلاب قاده الجنرال روبيير جي الذي أطاح بحكومة الرئيس هنري كونان بيدييه. (1)
تفاقم الصراع على السلطة في أعقاب وفاة هوفييه بوانييه بسبب الخلافات التي نشأت بشأن قوانين الجنسية وشروط الأهلية الخاصة بالانتخابات الوطنية ولا سيما الانتخابات الرئاسية مما أدى إلى نزع الأهلية عن بعض القادة السياسيين البارزين من بينهم السيد الحسن وتارا من حزب تجمع الجمهوريين. ووصلت هذه الخلافات ذروتها أثناء الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر 2000
أولا :-نظام الحكم والصراع على السلطة :
ساحل العاج دولة جمهرية تاخذ بالنظام الرئاسى القائم على التعددية الحزبية ،ويعين الريئس رئيس الزراء والوزراء ،وينتخب الريئس بلاقتراع المباشر لفترة رئاسية تمتد خمس سنوات (2) لكن وتحديداً منذ أن قرر رائد الاستقلال ومؤسس الدولة العاجية الحديثة "فليكس هوفيه بوانيي" الاعتراف بالتعددية الحزبية عام 1990 تحت الضغط الأميركي- في تثبيت دعائم الوحدة الوطنية, بحيث أصبح الاقتراع بعد رحيل بوانييه 1993 يستخدم لاختبار مدى استعداد طرفي الصراع للجوء إلى العنف المسلح والبحث عن الغلبة بوسائل أخرى ، تقنية الاقتراع تظل عاجزة عن حل خلافات وطنية تأسيسية يحتاج حلها إلى مساومة تاريخية ينال بموجبها كل ذي حقٍ ما يرضيه, أن أصل المشكلة يعود في جوهره إلى وجود نزاع تاريخي وعرقي معقد بين الشمال ذي الغالبية المسلمة والمنتج للثروة والجنوب ذي الغالبية المسيحية والوثنية المتحكم بالسلطة . (1).
تعانى الدولة العاجية من وجود عجز في القوة المؤسسية اللازمة للتغلب على الانقسام العرقي ، وعدم السيطرة على الأراضي وعدم وجود الدعم والشرعية من سكانها والمجتمع الدولي ، في الواقع يمكن القول ان من سمات الدولة الضعيفة انها لا تفشل فقط لمنع الصراع العرقي ولكنها تسهم أيضا في اندلاع أعمال العنف العرقية(2 ).ونجد أن الديمقراطية قد رسخت الاختلافات العرقية وقدمت المجموعات العرقية المختلفة في الديمقراطيات ، مع الأصوات الفردية في العملية السياسية. واتسعت بشكل كبير في نطاق السياسة العرقية في افريقيا،وهذا يمثل التحدي المتمثل في الإدارة والسكان المتنوعة عرقيا.فى ساحل العاج(3).
وفي أكتوبر 2001 نظم الرئيس منتدى للمصالحة الوطنية لمعالجة المشاكل التي أدت إلى استقطاب الشعب الأيفوري بما في ذلك مسائل الجنسية وملكية الأرض وشرعية حكومته المتنازع عليها وشروط خدمة قوات الأمن. وتوِّج هذا المؤتمر باجتماع قمة حضره الرئيس جياجيو والسيد بيدييه والجنرال غي والسيد واتارا يومي 22 و 23 يناير 2002 من أجل تسوية خلافاتهم والنظر في التوصيات التي خلُص إليها المنتدى. (1). وأصدر الزعماء الأربعة بعد ذلك بيانا ختاميا اتفقوا فيه من جملة أمور على معارضة اللجوء إلى السبل غير الديمقراطية من أجل الوصول إلى السلطة وإضفاء طابع الاحتراف على قوات الأمن وتحسين شروط خدمة تلك القوات. كما اتفقوا أيضا على إنشاء لجنة وطنية موسعة للانتخابات وهيئة وطنية لمعالجة مسألة ملكية الأرض.
أن هذه الخطوات المشجعة التي اتخذت لتحقيق المصالحة الوطنية والحد من التوترات في كوت ديفوار قد تعطلت بسبب الأزمة الراهنة التي نشبت في 19 أيلول/ سبتمبر 2002. وكانت الأزمة قد بدأت بوقوع هجمات متزامنة على المنشآت العسكرية في العاصمة أبيدجان وفي بواكيه وهي ثاني أكبر المدن وفي مدينة كرهوجو الشمالية وقام بها 800 جندي يبدو ظاهريا أنهم كانوا يحتجون على عملية تسريحهم التي كان مقررا لها مطلع عام 2003. وكان معظم هؤلاء الجنود قد تم تجنيدهم أثناء فترة الحكم العسكري للجنرال جي.، وفي حين استطاعت قوات الأمن الموالية للحكومة استعادة سيطرتها على الوضع في أبيدجان بسرعة فقد احتفظ المتمردون بالسيطرة على بواكيه وكرهوجو واستولوا بعد ذلك على بلدات أخرى في المنطقتين الشمالية والغربية من البلاد بعد انضمام جنود آخرين وبعض المدنيين الساخطين إلى صفوفهم نفذت قوات الأمن الموالية للحكومة عدة عمليات عسكرية لإخراج الجنود المتمردين من المدن التي استولوا عليها دون جدوى. وبنهاية سبتمبر كانت القوات المتمردة قد عززت قبضتها على النصف الشمالي من البلاد
ثانيا: أطراف النزاع:
1) الحكومة : التي يقودها الرئيس لوران جباجبو الذي تولى السلطة في انتخابات متنازع عليها في عام 2000. وخلال فترة قصيرة الأجل من الحكم العسكري. في الانضمام لاتفاق السلام ليناس ماركوسي من يناير 2003 ، عين الرئيس غباغبو سيدو ديارا رئيسا للوزراء للرئاسة الانتقالية لتقاسم السلطة حكومة مصالحة وطنية ، حتى يمكن إجراء الانتخابات. في 2007 ، كجزء من اتفاق سلام مارس ، عين الرئيس لوران جباجبو غيوم سورو زعيم متمردي القوات الجديدة رئيس وزرائه(1)
2) الميليشيات الموالية للحكومة : ما يقرب من اثني عشر ميليشيات موالية للحكومة تعمل في جنوب وغرب البلاد. وتشمل هذه الميليشيات الكبيرة (التي يبلغ عددها 5000 عضو أو أكثر) (2 ). مجموعة من الوطنيين من أجل السلام الجبهة لأمن المركز والغرب (FSCO) ، جبهة لتحرير الغرب العظيم (جبهة تحرير الغرب الكبير) والوطنيين الشباب (وهو أيضا مظلة مجموعة تتألف من المنظمات الطلابية المؤيدة للحكومة). وبالإضافة إلى ذلك ، هناك عدد من أصغر ميليشيات معظمها موجود في المناطق الحضرية على أساس أن الذهاب من أسماء مثل النحل ، والغزلان ، النينجا والفهود. وقد اتخذت الوطنيين الشباب ، فضلا عن اتحاد الطلاب في كوت ديفوار (المعروفة بالاسم المختصر والمدرسي) على دور جديد والعنيفة التي قد يصبح من الصعب على نحو متزايد للحكومة لاحتواء. الميليشيات المتواجدة .
3) المقاتلون الأجانب : في أعقاب اندلاع أعمال العنف في عام 2002 كان هناك تقارير من بريطانيا وفرنسا وجنوب افريقيا بالمرتزقة الذين تستخدمهم الحكومة للمساعدة في مكافحة التمرد. ويزعم أيضا أن أنجولا وفرت القوات والمعدات العسكرية للحكومة.،ودخول مقاتلين من الدول المجاورة ، ليبريا وسيراليون للقتال من أجل أي طرف يدفع لهم رواتبهم.، أصبحت فرنسا طرفا مباشرا في النزاع في 2004 عندما قصفت قاعدة جوية في ساحل العاج ردا على الغارة الجوية التي قتل فيها تسعة من جنودها(1).
4) المتمردين – وأكبر الجماعات المتمردة الثلاثة ، الحركة الوطنيةساحل العاج ) بواسطة غيوم سورو ، بدأت انتفاضة مسلحة في شمال البلاد في سبتمبر 2002. وأصبحت أصغر المنظمتين ، والحركة الشعبية الإيفوارية للغرب الكبير (MPIGO) والحركة من أجل العدل والسلام (MJP) ، تنشط عسكريا في المنطقة الغربية من البلاد بعد ذلك بوقت قصير. وانضمت المجموعات الثلاث عام 2003 والآن يشار إليها مجتمعة باسم 'القوات الجديدة'. (2 ) إن الغالبية العظمى من المتمردين السابقين في القوات الجديدة دعما لاتفاقات السلام مارس 2007 وانتخاب سورو رئيسا للوزراء ، ومع ذلك لا تزال هناك بعض قوات المتمردين الجديدة التي تعمل ضد اتفاقات السلام واجادوجو. ، وقوات المتمردين الجديدة لم تنزع سلاحها كامل.
5)قوات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم السلام التي تحظى بموافقة العمليات ، وهى الذى توفر منطقة عازلة بين الشمال الذي يسيطر عليه المتمردون والجنوب الذي تسيطر عليه الحكومة من البلاد. وتقدم هذه القوات من فرنسا ، التي نشرت 4000 جندي لحماية الرعايا الأجانب والمساعدة في الحفاظ على وقف إطلاق النار. أيضا ، استبدال عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار بعثة الأمم المتحدة في كوت ديفوار) في عام 2004 ووضعها تحت قيادتها القوات التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) قوة اقليمية لحفظ السلام المنتشرة في أوائل عام 2003 . يشرف على قوة حفظ السلام الجديدة أكثر من 6000 جندي. (1).
ثالثا ا لبحث عن حل للأزمة:-
كان الخط الاخضر ، الذي كان يعرف سابقا باسم "منطقة الثقة" بين الشمال والجنوب سبب فى فشل أى معالجة اللاسباب الجذرية للصراع ، وتحديد المطالبات المتعلقة بالأراضي.ففشلت كل اتفاقات السلام خلال مرحلة الصراع. أولا اتفاقات السلام أ- محادثات لومي: (24 اكتوبر 2002) مهد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 17 أكتوبر الطريق أمام المفاوضات بشأن اتفاق سياسي بين الحكومة والـ MPCI. وكانت محادثات السلام بين الطرفين قد بدأت في لومي في 24 أكتوبر 2002 تحت إشراف رئيس توجو" ماسينجباي إياديما" والذي اختراه فريق الاتصال التابع" للإكواس" لكي يقود المفاوضات. وفي 31 أكتوبر أسفرت محادثات لومي عن أول اتفاق أكد بمقتضاه الطرفان مرة أخرى التزامهما بوقف إطلاق النار وتعهدا بالامتناع عن انتهاكات حقوق الإنسان واعترفا بالحاجة للحفاظ على السلامة الإقليمية لساحل العاج واحترام مؤسسات البلاد. ووقع اتفاق في 1 نوفمبر، بمقتضاه وافقت الحكومة على أمور أخرى ،أن تقدم للجمعية الوطنية مشروع لقانون العفو والذي سيتضمن إطلاق سراح الأعضاء المسجونين من العسكر والسماح بعودة الجنود المنفيين الذين سيعاد إدماجهم في الجيش. (1). ثم تعثرت مباحثات لومي فيما بعد حيث الـ MPCI أصرت على استقالة الرئيس باجبو ومراجعة الدستور وإجراء انتخابات جديدة، فيما طالبت الحكومة بأن ينـزع المتمردون سلاحهم وأن يفوا بالتزاماتهم للحفاظ على السلامة الإقليمية للبلاد. وبالرغم من جهود مكثفة من قبل زعماء الإيكواس لكسر طوق المأزق بما في ذلك تقديم خطة مشروع سلام يمثل حلا وسطا من قبل الرئيس إياديما في نوفمبر 2000 وسلسلة من الاجتماعات بين زعماء الإيكواس في كارا بتوجو، بالإضافة إلى أبيدجان وداكار في 16 و 18 ديسمبر 2002، فإن الجانبين لم يعودا إلى محادثات لومي. وفي اجتماعهما في داكار في 18ديسمبر، قرر زعماء الإكواس أن قوة السلام التابعة للإكواس لكوت ديفوار (ECOFORCE) سوف يتم نشرها بحلول 31 ديسمبر 2002.. وناشد الزعماء الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أن يزيدا من مشاركتهما في مساعدة الإيكواس على حل الأزمة الإيفورية (1). وفي مبادرة جديدة زار وزير الشؤون الخارجية الفرنسي" دومينيك دي فيبان" ساحل العاج في 3 و 4 يناير 2003 لإجراء مشاورات مع الحكومة والأحزاب السياسية وحركات المتمردين وخلالها أمن اتفاق من كل المجموعات السياسية الأيفورية بحضور اجتماع مائدة مستديرة في فرنسا. في الوقت نفسه أسفرت جهود السلام التي قامت بها الإيكواس عن تقدم تكميلي عندما توسط الرئيس إياديما في اتفاق حول وقف عمليات القتال بين الحكومة وحركتي التمرد اللتين تتخذا من الغرب مقرا لهما، وهما MPIGO و MJP، واللتان لم تكونا جزءا من اتفاق السلام الذي أبرم في /أكتوبر 2002. (2 ). . ب--اتفاق ليناس ماركوسي* اجتماع المائدة المستديرة للاجتماعات السياسية الأيفورية عقد في ليناس ماركوسي، فرنسا، من 15 إلى 23 يناير 2003 بمشاركة الجبهة الشعبية الأيفورية، وحركة قوات المستقبل (MFA) وحركة العدالة والسلام، والحركة الوطنية لساحل العاج ، والحركة الشعبية الأيفورية للغرب الكبير، والحزب الديمقراطي لساحل العاج - الحزب الديمقراطي الأفريقي (PDCI-RDA) وحزب العمال الأيفوري، ومسيرة الجمهوريين، والاتحاد الديمقراطي لساحل العاج (UDCI) واتحاد الديمقراطية والسلام في ساحل العاج. وترأس اجتماع المائدة المستديرة رئيس اللجنة الدستورية الفرنسي" بيير مازواد"، بمساعدة القاضي كبه مباي (السنغال)، ورئيس الوزراء السابق لساحل العاج " سيدو ديارا"، بالإضافة إلى ممثلين من الاتحاد الأفريقي والإيكواس، وممثلي الخاص لغرب أفريقيا كوسطاء وأسفرت المائدة المستديرة عن توقيع اتفاق ليناس ماركوسي يناير 2003 من قبل القوى السياسية الأيفورية كلها. (2 ). و تضمنت الأحكام الأساسية للاتفاق إقامة حكومة مصالحة وطنية يرأسها رئيس الوزراء الذي يعينه الرئيس بالتشاور مع الأطراف السياسية الأخرى. وسيخول الرئيس سلطات مضمونية إلى رئيس الوزراء وولايته ستمتد حتى الانتخابات الوطنية المقبلة كذلك حدد اتفاق ليناس ماركوسي المهام الأساسية للحكومة الجديدة للمصالحة الوطنية والتي تتضمن إعداد جدول زمني لانتخابات وطنية ذات مصداقية وشفافة وإعادة هيكلة قوات الدفاع والأمن، وتنظيم إعادة تجميع ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة. وحدد مرفق للاتفاق أيضا برنامجا لحل الموضوعات التي شكلت الأسباب الأساسية لعدم الاستقرار في ساحل العاج مثل مسألة المواطنة ووضع الرعايا الأجانب، والتأهل للترشيح لرئاسة البلاد،. (1) وإقامة لجنة لحقوق الإنسان تتألف من ممثلين من كل الأطراف بالإضافة إلى صياغة سجل للناخبين واستقلال النظام القضائي فيما يخص النـزاعات الانتخابية وتنفيذ نظام لملكية الأرض أو مدة استئجارها. ونص اتفاق السلام على إقامة لجنة لمتابعة تنفيذ الاتفاق ، وسيكون مقر اللجنة في أبيدجان. وتتألف من ممثلين من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والإكواس، واللجنة الأوروبية، والمنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية، ومؤسسات بريتون وودز، ومجموعة الثمانية، والاتحاد الأوروبي، وممثل عسكري من البلدان المساهمة بقوات، وفرنسا. وعقد اجتماع لرؤساء الدول المعنية الأفريقية وفرنسا في باريس في 25 و 26 يناير 2003 وأقر اتفاق ليناس ماركوسي. . (2 ). خلال هذا الاجتماع عين الرئيس جباجبو بالتشاور مع أطراف أيفورية أخرى رئيس الوزراء السابق سيدو ديارا لكي يرأس الحكومة الجديدة للمصالحة الوطنية. بالإضافة إلى ذلك تم التوصل إلى تفهم خلال المشاورات التي أجريت على هامش الاجتماع حول ترتيب لتوزيع المناصب الحكومية على الأطراف الأيفورية وبمقتضاه فإن المناصب الرئيسية للدفاع والداخلية قد خصصت لحركات المتمردين. ج_اتفاق واجادوجو:- يسعى اتفاق واجادوجو إلى حل الصرا ع فى ساحل العاج باتخاذ التدابيرالتالية دمج القوى الجديدة وقوات الدفاع والأمن الوطنية عن طريق إنشاء مركز قيادة متكاملة والاستعاضة عن منطقة الثقة بخط أخضر تنشأ على محوره مراكز مراقبة تابعة لعملية الأ مم المتحدة في ساحل العاج و يتم إزالتها تدريجيا (1)،ونشر وحدات مختلطة من القو ى الجديدة والشرطة الوطنية للمحافظة على القانون والنظام في المنطقة التي كانت تشملها في السابق منطقة الثقة ، وإعادة بسط إدارة الدولة في كامل البلد ؛ وتفكيك المليشيات ؛ ونزع سلاح المحاربين وقيدهم في برنامج للخدمة المدنية ؛ ومنح العفو عن جميع الجرائم المتصلة بالأمن الوطني التي ارتكبت في الفترة بين أيلول / سبتمبر 2000 الاتفاق توقيع وتاريخ وتبسيط عمليتي تحديد هوية السكان وتسجيل الناخبين والتعجيل بهما؛ وتنظيم انتخابات رئاسية حرة وفقا لاتفاقي لينا - ماركوسي و بريتوريا ويتيح اتفاق واجادوجو فرصة لكلا الطرفين الإيفواريين وشركائهم الدوليين لفتح صفحة جديدة. وقد يكون هذا الاتفاق بالفعل الفرصة الأخيرة أمام الطرفين لإيجاد حل سلمي للصراع . ولذا ينبغي تفادي النكسات وحالات الجمود المطولة التي طرأت في الماضي.وفي ظل الوضع الذي يتولى فيه الطرفان الآن زمام عملية السلام ويقودانها،و على المجتمع الدولي أن يكيف دوره وعلاقته مع الطرفين الإيفواريين تبعا لذلك. وعلى وجه الخصوص، من المهم احترام روح التوافق في الآراء والإبقاء عليها بين الطرفين،(2 ). وهو العامل الحاسم الذي يدفع عملية السلام للأمام بمساعدةالطرفين على كفالة إجراء جميع العمليات الرئيسية بطريقة تتسم بالشفافية والتوازن والمصداقية. ومن ثم، لا يسع الدوليون الشركاء، عند مشاركة المؤسسات الدولية أثناءتنفيذها الاتفاق، يكتفوا بأن يكونوا مجرد مراقبين سلبيين . ولتسهيل رصد عملية السلام ، أنشأ الاتفاق آليتي متابعة جديدتين الأولى آلية تشاورية دائمة تتألف من الرئيس غباغبو ، ورئيس سورو الوزراء ، والرئيس السابق هنري كونان بيديي ، ورئيس الوزراء السابق واتارا الحسن ، والميسر الرئيس كومباوري. وستتناول هذه الآلية (1)جميع المسائل الناشئة المتصلة بالاتفاق. أما الآلية الثانية فهي لجنة تقييم و رصد سيرأسها ممثل للميسر وتتألف من ث لاثة ممثلين لكل طرف من الطرفين الموقعين. وللطرفين أن يقررا ضم أطراف إيفوارية أخرى إلى اللجنة ، كما أن للميسر أن يدعو أي عضو من أعضاء المجتمع الدولي للمشاركة في اللجنة ، حسبما يراه ملائما. ويتمثل دور لجنة الرصد والتقييم فى أي خلافات تتصل بتفسير أو تنفيذ الاتفاق سيتم تسويتها من خلال التحكيم من جانب الميسر. ولم يتمكن الطرفان من الوفاء بالموعد المحدد في 23 أبريل لبدء تنفيذ مجموعةالمهام الأكثر تعقدا التي تتمثل في تفكيك المليشيات المحاربين وتجميع، وإعادة نشر المسؤولين الحكوميين في كامل أنحاء البلد، وبدء جلسات المحاكم المتنقلة من أجل تحديد هوية السكان.فقد تطلبت هذه المهام تخطيطا فنيا أكثر تفصيلا مما هو متوخى في الحدود الزمنية الضيقةالمنصوص عليها في الاتفاق)2( فى الحقيقة كان اتفاق اوجادجو(3). كان للرد على قرار مجلس الامن 1721 الذى يهدف الى اعطاء رئيس الوزارء"كونان بيديى"زيادة صلاحيات تنفيذية ممايقلل من الرئيس جباجبو كما جاء الاتفاق الجديد باعتباره الإغاثة إلى فرنسا ، لا سيما فيما يتعلق باختفاء المنطقة الأمنية ، مما مكنها من تخفيض عدد القوى الفرنسية على الرغم من استمرارها لدعم قوات حفظ السلام الأمم المتحدة ورغم ذلك لقي اتفاق اوجادجو السياسى ترحيبا إيجابيا من السكان الإيفواريين وجميع الأحزاب السياسية في كوت ديفوار. ويوفر الاتفاق فرصة حقيقية للخروج من الأزمة يتعين على الاتحاد الإفريقي دعمها لاسيما المجالات التي يلتمس فيها الاتفاق دعمه ثانيا :العملية الانتخابية :نهاية أزمة أم بداية الطريق حدد اتفاق واجادوجوا اجراء الانتخابات قبل نهاية 2007 وبسبب نقص المعلومات عن التعداد السكانى وطول المفضاوت لتحديد طريقة العمل وتوزيع المهام بين المؤسسات المكلفة بتتفذيها واصلت عام 2008 اتفاق سلام عام 2007 ليستمر طوال عام 2008. استمرار التحضيرات الانتخابية ، مع تغيير التاريخ مرات عديدة ، وأخيرا قد تأجل حتى 2009(1). استغرق عمليات تحديد مكان المواطنة طوال عام 2008 فضلا عن وضع تنفيذ القوانين لمعالجة ملكية الأراضي ، وكلاهما ينظر إليها على أنها الأسباب الجذرية للصراع. كما ان تسريح الميليشيات لا يسير وفقا لخطة وتعرض لانتقادات لكونه تأخر. وكان الحد الأدنى من الصراع طوال عام 2008 ، مع ما بين 10 و 15 حالة وفاة ، والتي تعكس التغيرات الإيجابية التي تجري داخل البلد. اتفاق السلام ، على الرغم من اهتزاز يمثل فرصة أفضل للبلاد في سلام دائم. يمكن أن يجلب جدد في انتخابات 2009 العنف إذا نظر إليها على أنها غير عادلة من جانب الجماعات داخل البلد ولا سيما من متمردي القوات الجديدة الذين لا يزالون المسلحة. وقد أدى التوقيع على اتفاقات السلام واجادوجو مارس 2007 إلى تغييرات إيجابية على نحو متزايد في ساحل العاج(2 ).، . وشهد الاتفاق نهاية التنافس منذ فترة طويلة بين الرئيس لوران جباجبو وزعيم المتمردين القوات الجديدة غيوم سورو الذي عينه جباجبو ليكون رئيس وزرائه. خلقت الحكومة الانتقالية الجديدة ، المنطقة العازلة منزوعة السلاح التي تفصل بين الشمال والجنوب لمدة خمس سنوات ، وبدأت عملية تحديد هوية الناخبين لضمان تصويت المواطنين في الانتخابات المقبلة في حين كانت هناك تغييرات إيجابية كثيرة لا يزال هناك بعض العنف في البلاد ، وأبرزهامحاولة اغتيال يونيو لرئيس الوزراء سورو. كما تواصل تهريب الكاكاو على طول الحدود الشمالية ، وكثير منها لا تزال تعاني الابتزاز على أيدي المسؤولين الحكوميين والمتمردين ويمكن إرجاع فشل اتفاقات اقتسام السلطة إلى أسباب رئيسية مختلفة أولا:ـ قصور الاتفاقات فى التعامل مع الطبيعة المعقدة للصراع، حيث أن شرطا أساسيا من شروط نجاح أى اتفاق لتقسيم السلطة هواعتدال الانقسامات بين أطراف النزاع، وهو أمر غائب بشدة فى ساحل العاج التى تعانى بنيتها من انقسامات رأسية حادة، تقاطعتفيها الخطوط السياسية والعرقية والدينية والإقليمية والاقتصادية،(1) بما يسهل فكرة تفتيت الدولة فالمسلمون يشكلون غالبية الإقليم الشمالى للبلاد، وينتمون لقبائل عدة أبرزها ـ جيولا ـ ولهم حركاتهم السياسية، وأبرزهاحزب تجمع الجمهوريين الذى يقوده الحسن واتارا، أما الجنوب، فله هو الآخر أحزابه السياسية مثل الجبهة الشعبية العاجية الحاكمة من قبيلة ـ بيتى المسيحية،والحزب الديمقراطى لساحل العاج الذى أسسه الرئيس الراحل هوفوييه بوانييه ويستند لقبيلة البولى وهذان الحزبان يسيطران على معظم قيادات الجيش الحكومى، كما أنهما يهيمنان على المؤسسات السياسية ورغم أن الرئيس الراحل بوانييه نجح منذ استقلال ساحل العاج فى عام 1960، وحتى رحيله عام 1993، فى لم شمل خطوط الانقسامات فى إطار حزبه الواحد ـ الحزب الديمقراطى ثانيا:ـ عدم اقتناع أطراف الأزمة بتطبيق اتفاقات تقاسم السلطة، لأسباب تختلف من طرف لآخر، فالرئيس جباجبو لم ينجح فىإقناع أنصاره فى الجبهة الشعبية العاجية أو المتحالفين معه فى المؤسسة العسكرية والأمنية بما حصل عليه فى اتفاق ماركوسى حيث واجه احتجاجات ومظاهرات على ما وصفه أنصاره بالضغوط التى مارستها باريس على جباجبو لمكافأة المتمردين،(2) ثالثا:ـ عدم ثقة أطراف الأزمة فى حياد الأدوار الإقليمية والدولية، فقد أظهر جباجبو منذ البداية عدم ثقته، وعدم ارتياحهمن الدور الفرنسى كوسيط محايد، ولم يوقع على اتفاقيات السلام، واقتسام السلطة ووقف إطلاق النار إلا بعد ضغوط فرنسية أماالولايات المتحدة التى تؤكد دائما على ضرورة التزام أطراف النزاع باتفاق السلام، فإن علاقاتها تميل بقوة لصالح الشمال، بسببالعلاقات الوثيقة التى استطاع نسجها الحسن واتارا منذ بدء التسعينيات كما أن ثمة عدم ثقة من قبل الحكومة العاجية فى مواقف الأطراف الإقليمية الإفريقية، حيث تعتقد الحكومة أن تمويل التمردالشمالى وتسليحه يأتى عبر الدول المجاورة، خاصة بوركينا فاسو ومالى الواقعتين شمال ساحل العاج وايضا زعزعة الاستقرار في المنطقة الفرعية ، ولا سيما في بلدان مثل ليبيريا وسيراليون وقد أعرب الجزء الجنوبي من ساحل العاج القلق من أن المتمردين الأجانب دخلوا الصراع وهذا زاد من مخاوفهم ومن المهم أيضا النظر في الجانب الدولي من الصراع في ساحل العاج من حيث تأثيره على العلاقات الدولية بين ساحل العاج ودول أخرى. وبعبارة أخرى ، ما هي المصالح عبر الحدود من دول مثل بوركينا فاسو ومالي ، والتي أجزاء كبيرة من المغتربين في ساحل العاج ؟ و هل سيتم أضرار دائمة للعلاقات بين هذه البلدان من قبل النزاع الأخير؟ المطلب الثالث : الصراع "الفرنسي – الأميركي" -الملاحظ فيما سبق وجود هالة من الشكوك الفرنسية في ولاء رؤساء ساحل العاج الأربعة بدون استثناء بدليل تسريع انقلابها عليهم في خاتمة المطاف, بتهمة التشكيك بميولاتهم, كما يلاحظ أن حرص باريس على حق الاستفراد ألحصري بالساحة العاجية لم يعد من الأمور المقدسة, وهذا الاستنتاج ليس وليد اللحظة, بل هو ميراث عقدين من الصراع الخفي مع واشنطن ولندن أيضاً وإن بشكل محدود, مصحوباً بمخاوف متصاعدة من احتمال خسارة ثاني أهم حليف استراتيجي "ساحل العاج" بعد خسارة "السنغال" في سنوات قليلة(1). والواضح حتى الآن أن واشنطن قد تمكنت من فرض نفسها وأجندتها وأن باريس لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة العاجية, رغم كل الجهود التي بُذِلَت في السابق بِدءاً بحرمان واتارا من السباق الرئاسي في 1995 و 2000 على التوالي ومروراً بغموض الدور الفرنسي تجاه عملية السلام بساحل العاج والاكتفاء بإخراج اتفاقات سلام هشة تضمن بقاء الانقسام وتهدئة الوضع وفي نفس الوقت تضمن عدم سقوط أخر عملائها ونظامه (جباجبو) بعد سلسلة من الانقلابات وحرب أهلية أعقبها سلام هش (اتفاق ليناس- ماركوسيس 24 اكتوبر2003) والذي بموجبه أصبحت ساحل العاج دولة واحدة سياسياً، ودولتين على أرض الواقع: واحدة في الشمال: يقودها زعيم المعارضة "واتارا" وقائد القوات الجديدة الشمالية بزعامة غيوم سورو, وأخرى في الجنوب: يقودها لوران جباجبو والجيش العاجي, وانتهاءً بتصاعد الضغوط الأميركي وتصعيد المنازلة الفرنسية, بحيث تمكنت الثانية من تأجيل الانتخابات لست مرات متوالية, بعد انتهاء ولاية جباجبو الأولى 2005 , فيما نجحت الأولى في الضغط لصالح عقد اتفاق اوجادجو السياسى عام 2007 والذي بمقتضاه أصبح غيوم رئيساً للوزراء وتضييق الخناق والعزلة الدولية على جباجبو للقبول بإجراء انتخابات رئاسية تعيد توحيد البلاد, تم إجرائها عملياً في (31نوفمبر 2010) وأسفرت عن فوز جباجبوبو بـ 38 بالمائة مقابل 32 بالمائة لواتارا, ما استدعى إجراء جولة إعادة في 28 نوفمبر2010 أسفرت عن فوز واتارا بـ 54.1 بالمائة مقابل 45.9 بالمائة لجباجبو, بفضل نجاح واشنطن في ضم الرئيس السابق كونان بيدييه إلى معسكر واتارا هذه الأمور مجتمعة تُشكل ضربة قاسية للوجود الفرنسي, ما يجعل من لغة المصالحة والتفاهم بين الفيل الأميركي والديك الفرنسي هي الفيصل في تسمية "فرس الرهان الرئاسي العاجي" الأجندة الفرنسية لا يمكن فهم السياسة الفرنسية في هذا البلد دون العودة إلى الإرث الاستعماري الذي حاول الاستعمار الفرنسي خلال سنوات قبضته المباشرة والتي امتدت زهاء 148 عاماً ترسيخه, بما مكنه رغم منحه العاجيين الاستقلال عام 1960 من استمرار هيمنته على كافة مفاصل(1) ومرافق الدولة الوليدة, لما لهذا البلد من أهمية إستراتيجية, جعلته ذات يوم يمثل "درة التاج الفرنسي" في إفريقيا, وكانت عاصمته "أبيدجان" بمثابة "باريس الثانية" فضلاً عن ثرواته الهائلة, وبالتالي صار هذا البلد يمثل همزة وصل ووسيط إفريقي أول لتصريف البضائع والسلع الفرنسية والغربية في بلدان غرب إفريقيا وبوابة العبور الأولى إلى غرب إفريقيا والى أسواق الاتحاد الأوربي, وكل هذا يأتي تحت شعار حماية الأقلية المسيحية والوثنية لترسيخ هذا النفوذ والوجود على حساب الغالبية المسلمة. حفلت حقبة الاستقلال العاجي بإرث عنصري ثقيل, غايته تكريس النزعة العاجية وتكريس الثروة والسلطة في الجنوب العاجي, ولذا يمكن القول أن الأزمة الحالية ذات شقين, الأول: صراع ديني "إسلامي – مسيحي" والثاني: صراع اقتصادي "فقر - غنى" وفي كليهما فقد كان للوجود العسكري والإستخباري والسياسي والاقتصادي الفرنسي دور كبير في خلق هذه المأساة, وفي هذا السياق فقط يمكن فهم التبدُّل المفاجئ في الموقف الأوربي والفرنسي تحديداً من زعيم المعارضة العاجية الشمالية "الحسن واتارا" على خلفية الانتخابات الرئاسية الأخيرة, كمحاولة عابثة في الوقت الضائع من باريس للحفاظ على ما استطاعت من خيوطها وتأثيرها ونفوذها في مستعمراتها القديمة,عن طرق تسليم القوات الفرنسية الرئيس السابق "لوران جباجبو "الى الريئس الحالى الفائز "الحسن وتارا" الأجندة الأميركية قد تتفق أميركا مع فرنسا فيما يتعلق بورقة القاعدة ومحاولة هذا التنظيم الاستفادة من الأزمة العاجية لصالح انتشاره في غرب إفريقيا من خلال توظيف مظلومية الشمال العاجي المسلم واختراقه وتجنيده لصالح العمليات الإرهابية, باعتبار أن ذلك يشكِّل نقطة تحول خطيرة تهدد الأمن القومي الأميركي والغربي والمصالح الأميركية والغربية على حدٍ سواء, ولعلى ذلك واحداً من أسباب التوافق الأميركي- الفرنسي حيال الأزمة العاجية والاعتراف بالحسن واتارا كرئيس شرعي وحيد لكن للمصالح بوصلة أخرى فواشنطن ترى في الأزمة العاجية فرصة ذهبية لسحب بلد إفريقي جديد من تحت البساط الفرنسي, وتجربتها في السنغال تعزز من فرص نجاحها في ساحل العاج, كما أن الفرصة مواتية لتحويل الساحة العاجية إلى بوابة عبور لإعادة رسم خارطة جديدة في غرب إفريقيا, تعزز من تنامي الدور الأميركي في ساحات النفوذ الفرنسي التقليدية, وتُحَسِّن من صورة أميركا أمام الشعوب الإسلامية من خلال دعم" واتارا" المسلم. والرهان هنا على خلق محور عاجي يمثله الطرف الأقوى "واتارا- بيدييه" وبناء علاقات قوية مع النظام العاجي الجديد, وبذلك تكون واشنطن قد نفت التهم الموجهة إليها بدعم "النظم الديكتاتورية" ومعاداة النظم الإسلامية, بالتوازي مع تمكنها من اختراق الساحة العاجية ورفض المسلمين العاجيين ضد الوجود الاقتصادي الفرنسي, حيث يوجد هناك نحو 600 شركة استثمارية فرنسية تشكل نحو 60 بالمائة من رجال الأعمال الأجانب, ولدى واشنطن رغبة كبيرة لإرغامهم على الرحيل, خصوصاً وأنهم في نظر المسلمين العاجيين سبب نهب ثرواتهم, ليحل مكانهم الأميركيون, كمقدمة لخلق محور أميركي جديد في غرب إفريقيا, يضم تحالف "واتارا – بيدييه" ورئيس السنغال الحالي. إذن فأميركا ترى أن جباجبو في الاتجاه المضاد لسياستها وتصر على طوي صفحته, ليس من أجل المسلمين ورفع الظلم عنهم, وإنما من أجل حسابات خاصة, في إطار لعبة الكبار القديمة المتجددة لتقاسم الكعكة الإفريقية الدسمة وتقاسم المواقع والنفوذ خاتمة : بتحليل الصراع يتضح أن المجتمع العاجي تواجهه عدة أزمات منها: مشاكل الصفوة السياسية: المعركة بين الزعماء ( بيديه، ،جباجبو،واوتارا )أقلقت الحياة السياسية في البلاد لعشر سنوات وأدت إلي حسابات تكتيكية مرحلية أو المحافظة علي السلطة علي حساب التنمية ذات الندي البعيد، وقد الفساد أيضا إلي تعطيل حكم القانون.المشاكل المالية في ساحل العاج تعود في الأساس إلى انخفاض أسعار الكاكاو إضافة إلى تعليق بعض المساعدات الدولية على الوضوء المعلومات بوجود تصرف فاسد في الدعم الأوربي المقدم لقطاع الصحة . مشاكل عميقة حول الهوية :طوال العشر سنوات الماضية فان مفهوم العاجية قد تم تحريفه بواسطة السياسيين في إطار بحثهم عن الشرعية، إن الايدولوجية والدعاية التي يتبناها أولئك الذين في السلطة قد أوجدت شيئا فشيئا في خيال المجتمع مجموعتان وهويتان هما الـ 100% عاجي الجذور وأولئك المشكوك في عاجيتهم ومن هؤلاء الزعيم اليسانس كوتارا زعيم التجمع الجمهوري ورئيس الوزراء السابق في عهد هوفويه بوانيه والذي استبعد من الترشح في الانتخابات نتيجة للشك في عاجيته وإلى جانبه كل مجتمعه مستهدفا، وإضافة إلى مجتمعه هذا هناك ربط بين غير العاجيين والأجانب لتصبح المعادلة كآلاتي وتارا = ميليشيات التجمع الجمهوري = أهل الشمال =المسلمين =من لا جنسية لهم = الأجانب. وعلى هذا النحو الانشقاق إلي نحن في مقابلهم قد أصبح راسخ الجذور. ليس هناك شيء طبيعيا في كل تلك التخيلات إنما أوجدها المجتمع نفسه ففي ساحل العاج هناك اتجاه لعكس أن جزء من المواطنين لا يتنمون إلى المجتمع السياسي. وهذه ايدولوجية مبنية على نقاء الهوية بناء على الأصل. وهذا تناقض لان الهوية المبنية على وحدة الدم مجرد أسطورة من الماضي توجد في المجتمعات البدائية ذات الارتباط الوثيق ببعضها وفي هذه الحالة يمكن إقصاء بعض الأفراد عن عضوية المجتمع ما لم ينتموا إليه بوحدة الدم وهذه الوحدة المعني بها فقط أولئك العاجيين الذين عاشوا في البلاد لعدة أجيال وليست أولئك الذين يعتبرون مواطنين بناء على ما يحملونه من أوراق ثبوتية ولهذا تم تطبيع الثقافة وعلى أساسها فان العديد من الناس يطلقون على أنفسهم عاجيين بنسبة مائة بالمائة وان كانت جذورهم متعددة وبهذه الطريقة فان الحياة الاجتماعية والسياسية قد دمغها بالعرقية والإثنية وهذا يؤدي إلى التمييز العنصري، الهجرة القسرية بل والتطهير العرقي. الاعتبار الثاني في هذه الايدولوجية والادعاء هو إحساس العاجيين الحقيقيين بأنهم ضحايا بانتمائهم للتجمع الجمهوري، و الاتهام بأنهم أجانب وضحايا في نفس الوقت للأعلام العالمي. هذه الادعاءات تثقل عقول هؤلاء وتغذي الأحقاد ضد الآخرين.هذه الدعاية تغذي الخوف والكراهية للآخرين وتشعر الفرد يوميا بالتمييز العنصري، و الإذلال والابتزاز وتكون في النهاية ألغام اجتماعية قابلة للانفجار ومستصغر الأشياء يمكن أن يفجرها. أن إفريقيا تمثل حاليا ساحة للصراع الدولي بين القوى الكبرى والقوى الإقليمية الصاعدة ما يعني تدخل الجميع بمد طرفي الصراع العاجي بالمال والسلاح والمرتزقة وتدريب المقاتلين لتحقيق مصالح هذه القوى المتنافسة على حساب الشعب العاجي