السبت,7 يوليه 2012 - 09:25 م
: 26376

كتب الباحثة / فريدة البنداري بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية
farida852000@yahoo.com
تشهد السودان بوصفها احد أكبر الدول الأفريقية صراعات وتدخلات خارجية عديدة في شئونها الداخلية الأمر الذي يجعل لدور الجوار دور هام ومحوري في التأثير على السودان ومستقبله ككل وكان لهذا التأثير دور كبير في إنفصال السودان وبالتالي من المهم بمكان التعرف على مواقف دول الجوار السوداني من قضية الأنفصال
fiogf49gjkf0d
الموقف المصري
يمثل السودان أهمية استراتيجية للأمن القومي المصري وهذا ما يفسره الوجود المصري الكثيف داخل السودان ، و خلال محادثات السلام عارضت مصر اي اتفاق يحوي بنودا قد تؤدي الى انفصال جنوب السودان الأمر الذي قد يهدد نصيبها من مياه النيل، كما ترى مصر ان انفصال الجنوب قد يؤدي الى حالة عدم استقرار في الشمال والجنوب على حد سواء
وقد عارضت مصر على الدوام مبادرة منظمة الايقاد للسلام في السودان ومنذ التوقيع على اتفاق السلام الشامل عام 2005م.. يقال دائما ان مصر فعلت أكثر من السودان لجعل الوحدة جاذبة ، الا ان ابناء الجنوب دائما ماكانوا يرفضون اى تدخل مصرى عربى ، وتخشى مصر قيام دولة غير مستقرة بجنوب السودان. وخلال لقائه برئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت بالقاهرة في سبتمبر 2009م شدد الرئيس مبارك على ضرورة العمل من أجل الوحدة.
تسعى مصر بشدة لعدم انفصال جنوب السودان وافتتحت قنصلية لها في جوبا في عام 2005 ، وزارها الرئيس مبارك في نوفمبر 2008 لمناقشة التعاون مع حكومة جنوب السودان ودعم التنمية في الجنوب. وكان هذا حدثاً كبيراً حيث تعد هذه أول زيارة يقوم بها رئيس مصري للجنوب منذ أكثر من (40) عاما.
وقدمت القاهرة مساعدات تنموية للجنوب حيث انشأت محطات لتوليد الكهرباء ، وعيادات طبية ومدارس وخصصت منحاً دراسية لأبناء الجنوب في الجامعات المصرية وتعهدت بإنشاء فرع لجامعة الاسكندرية في واو. وتبنت مصر «المؤتمر العربي حول الاستثمار والتنمية في جنوب السودان «في فبراير عام 2010 الذي شارك فيه عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال المصريين.
الموقف الأثيوبي
قدمت اثيوبيا في عهد رئيسها السابق منجستو دعماً كبيراً وحاسماً للحركة الشعبية لتحرير السودان وعلى وجه الخصوص في ايامها المائة الأولى عام 1983 وفتحت اراضيها لتدريب متمردي الجيش الشعبي وانطلقت الاذاعة الناطقة باسم الجيش الشعبي من داخل الاراضي الاثيوبية الأمر الذي أغضب الخرطوم ودفعها لتقديم الدعم والسند لمتمردي حركة التقراي السابقين ضد نظام منجستو. كما دعمت ثوار الجبهة الاريترية. وبعد سقوط نظام منجستو عام 1991م تم طرد قوات الجيش الشعبي من داخل الاراضي الاثيوبية وتوقف الدعم الاثيوبي لمتمردي الجيش الشعبي ، ثم ساءت العلاقات من جديد منتصف التسعينيات وخاضت قوات اثيوبيا واريتريا و اوغندا معارك ضد الجيش السوداني بدعم امريكي. بعد ذلك خاضت اثيوبيا حرباً ضد اريتريا استمرت عدة سنوات ومن بعد تحسنت علاقات اثيوبيا مع الخرطوم تدريجياً.
اما اليوم فترتبط اثيوبيا بعلاقات جيدة مع جنوب السودان وايضاً ترتبط بعلاقات جيدة مع الخرطوم ومؤخرا افتتح وزير الخارجية الاثيوبي سيوم مسفن المقر الجديد للسفارة الاثيوبية بالخرطوم، وهناك لجان مشتركة بين البلدين وهناك مشاريع لربط طرق بين البلدين والأهم من ذلك أن اثيوبيا تستورد النفط من السودان بأسعار تفضيلية. كما تطورت العلاقات بين أديس أبابا وجوبا وهناك خط طيران مباشر بين المدينيتين.
على الصعيد الأمني ترى اثيوبيا ان تدهور الوضع الأمني في السودان سيؤثر سلبا على الأمن الاثيوبي وعلى الأمن الاقليمي في المنطقة بأثرها كما أن انفصال الجنوب السوداني سيغزي النعرات الانفصالية في اثيوبيا خاصة ان الدستور الاثيوبي ينص على حق القوميات في الانفصال.
هناك اجتماعات دورية بين قادة الجيش الشعبي لتحرير السودان والجيش الاثيوبي، كما أن خبراء من الجيش الاثيوبي زاروا جوبا كما ان الجيش الشعبي يشتري بعض الاسلحة الخفيفة والذخيرة وزي الجنود ومجموعات من المواد غير الفتاكة من اثيوبيا، وتؤكد العديد من الشواهد على ان اثيوبيا تسهل توصيل الأسلحة الى جوبا.
الموقف الرسمي الاثيوبي من الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان هو احترام قرار شعب جنوب السودان وان اثيوبيا أكثر حصافة من اوغندا وكينيا في تأييد انفصال جنوب السودان فأثيوبيا تستضيف مقر الاتحاد الافريقي لذلك فهي لا تريد اثارة غضب دولة عضوة في الاتحاد. مما يؤكد حرص اثيوبيا على الحفاظ على استقرار السودان فإن رئيس الوزراء الاثيوبي مليس زيناوي اقترح خلال قمة الايقاد في مارس 2010 سحب مرشح الحركة الشعبية لانتخابات الرئاسة ياسر عرمان والتوصل الى اتفاق يحافظ على استقرار البلاد ونظرا للعلاقات الوثيقة بين اثيوبيا وواشنطون فإن موقف اثيوبيا الرسمي بشأن السودان لن يكون بعيدا من الوقف الامريكي..
الموقف الليبي
العلاقة بين ليبيا والسودان ظل يشوبها على الدوام شئ من التعقيد حيث ينظر على الدوام الى الزعيم الليبي معمر القذافي على انه يحاول تعزيز نفوذه في المنطقة من خلال اضعاف النظم الحاكمة في الخرطوم، فعلى سبيل المثال قدم القذافي السند والدعم المالي للجيش الشعبي لتحرير السودان منذ مطلع الثمانينيات في محاولة لاسقاط نظام الرئيس الراحل جعفر نميري، كما تقدم ليبيا بعض الدعم لحركات دارفور المسلحة وتحاول في نفس الوقت التوسط لحل الأزمة، وقد افادت مصادر مقربة من سلفاكير ميارديت انه وخلال زيارة سلفاكير للجماهيرية في يونيو 2009 م استدعاه القذافي في منتصف الليل وابلغه ان ليبيا تدعم استقلال جنوب السودان اذا اختار الجنوبيون ذلك.
موقف إريتريا
قدم الرئيس جعفر نميري الدعم والسند لثوار الجبهة الاريترية في مجابهة نظام الرئيس السابق منجستو ، كما قدمت حكومة الرئيس عمر البشير الدعم والسند للثوار الاريتريين حتى سقوط نظام منجستو كما دعم السودان حق اريتريا في حق تقرير المصير ثم ساءت العلاقات بين البلدين وقدم أسياسي أفورقي الدعم للمعارضة السودانية واستضافها داخل أراضيه وقد تحسنت العلاقات بين أسمرة والخرطوم من جديد بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل عام 2005م. الموقف الاريتري المعلن كما عبر عنه دبلوماسي اريتري هو أن بلاده تحبذ وحدة السودان، لكنها في نفس الوقت لن تعارض الانفصال إذا اختار الجنوبيون ذلك.
الموقف الكينى " الرابح الاكبر "
كينيا لديها اهتمام كبير بانفاذ اتفاق السلام الشامل في السودان فهي عمليا استضافت ورعت المفاوضات التي تدعمها منظمة (ايقاد) وأدت الي اتفاق السلام الشامل فبعد ان تعثرت المفاوضات لعدة سنوات نجحت كينيا في اعادة الطرفين (الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني) لطاولة المفاوضات العام 2002م وذلك بضغط من الولايات المتحدة وبفضل جهود وسيط الايقاد الجنرال لازاروس سومبيو والالتزام الحازم من الرئيس الكيني (وقتها) دانيال اراب موي .
لقد كانت كينيا بحسب دراسة مجموعة الازمات الدولية من المؤيدين والداعمين للحركة الشعبية لتحرير السودان ، وقدمت لها الدعم السياسي والدبلوماسي والانساني وفتحت حدودها للحركة ما ساعد في استمرار بقائها كما استضافت كينيا خلال سنوات الحرب ما يقارب مائة الف لاجئ سوداني بالاضافة الي قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بعد طردهم من اثيوبيا العام 1991م في اعقاب سقوط نظام الرئيس السابق منجستو واصبحت كينيا مقرا للقيادة السياسية والعسكرية للحركة الشعبية ووجدوا الرعاية والاهتمام من الرئيس موي شخصيا ..
ان وفاة الدكتور جون قرنق المفاجئة العام 2005 تسببت في صدمة كبيرة على الاوساط السياسية في كينيا وعلى اثر ذلك انشأت كينيا مكتب متابعة لحكومة الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان تولي العمل فيه دبلوماسيون مختصون في الشأن السوداني واسندت للمكتب مهمة مراقبة اتفاق السلام الشامل .
الرابح الاكبر
وقد عززت كينيا روابطها التجارية و الاقتصادية مع جنوب السودان في السنوات الأخيرة حيث ميناء ممبسا الكيني ، هو أقرب الى جنوب السودان من ميناء بورتسودان ، و توجه عدد كبير من المستثمرين ورجال الاعمال والباحثين عن فرص عمل نحو الجنوب وينشط الكينيون في مجالات البناء ، والنقل الجوي ، والتأمين ، والبنيات التحتية ، ومنذ العام 2006 افتتح البنك التجاري الكيني 8 فروع في عدة مدن بجنوب السودان عن التعاون العسكري بين كينيا وجنوب السودان
واخيرا الموقف الرسمي الكيني المعلن هو الالتزام بانفاذ ما تبقى من اتفاق السلام الشامل واحترام خيار الجنوبيين في الاستفتاء علي حق تقرير المصير في يناير 2011م لكن المعروف على نطاق واسع ان كينيا داعمة علي الدوام لجنوب السودان وتحاول في نفس الوقت ان لا تكون عدوة للشمال والمعروف في الخرطوم ان كينيا تدعم استقلال جنوب السودان.
الموقف الاوغندى
اوغندا داعم تاريخي لحركة المقاومة بجنوب السودان كما ان الرئيس يوري موسيفني من ابرز الداعمين للحركة الشعبية لتحرير السودان خلال الحرب الاهلية حيث كانت العلاقة اقوى مما هي عليه الآن كما ان الجيش اليوغندي كان يقدم دعماً سرياً مستمراً للجيش الشعبي في حقبة الثمانينيات وسرعان ما ازداد هذا الدعم واخذ اشكالا متعددة في حقبة التسعينيات وشارك الجيش اليوغندي في العمليات العسكرية الي جانب الجيش الشعبي واصبحت لهم قواعد انطلاق سياسية وعسكرية في اوغندا وفي مقابل ذلك قدمت الخرطوم الاسلحة والدعم الاستخباري والتدريب لحركة جيش الرب اليوغندية المتمردة كما ان العديدين يعتقدون ان الخرطوم تدعم ايضا حركة غرب النيل اليوغندية المتمردة وحركة القوى الديمقراطية وكلاهما قاتلا نظام موسفيني في حقبة التسعينيات .
الآن فإن الاوغنديين يشكلون الجالية الاكثر عددا في جنوب السودان في المقابل يقدر عدد السودانيين المسجلين في كمبالا بنحو 12 ألف شخص وقد تلقى العديد من المسؤولين بحكومة جنوب السودان تعليمهم في اوغندا ويمتلكون عقارات هناك وان ابناءهم يتلقون تعليمهم هناك كما ان كمبالا تستقبل بإنتظام مسؤولين كبار في حكومة الجنوب في زيارات رسمية وغير رسمية وبما ان يوغندا لا تتميز بميزات تجارية وصناعية ومالية مثل كينيا الا ان جنوب السودان يعتبر سوقا واعدة للصادرات الاوغندية والتي بلغ حجمها في العام 2008م نحو 250 مليون دولار امريكي حيث ازدادت ثلاثة اضعاف منذ العام 2006 ما يجعل السودان في المرتبة الاولى لقائمة الدول التي تستقبل الصادرات الاوغندية وقد اشار وزير الدولة الاوغندي للتجارة الى ان السوق النامي بجنوب السودان لم يستغل بعد علي نحو كامل وان اوغندا التي اسهمت في تحقيق السلام في السودان يجب ان توصل منتوجاتها لهذا السوق البكر و الواعد.
ترى كمبالا من الناحية الاستراتيجية والامنية ان تجدد الحرب في جنوب السودان ستكون له آثار وخيمة علي الامن الاوغندي الامر الذي قد يدفع الجيش الايوغندي الى دخول الحرب مجددا لجانب الجيش الشعبي لتحرير السودان الامر الذي قد يؤدي الى مجابهة بين اوغندا والسودان ويخلق حالة من عدم الاستقرار الامني علي حدود البلدين لذلك فإن من مصلحة اوغندا البحث عن شريك استراتيجي في المنطقة وتسعي لانشاء منطقة عازلة بين حدوده والسودان الشمالي وهذا في نظرها يساعد علي عدم وجود حركات مسلحة علي حدودها الشمالية تمثل الاتصالات الشخصية والعلاقات غير الرسمية للرئيس يوري موسفيني مع جيرانه نهجاً مهماً في علاقات اوغندا الخارجية وجنوب السودان ليس استثناء وقد كان موسفيني يتمتع بعلاقات جيدة للغاية بزعيم الحركة الشعبية السابق جون قرنق عززتها ميولهما الماركسية والروح الافريقية وكذلك استمر موسيفني في اقامة علاقة جيدة مع خليفة قرنق الفريق سلفاكير ومعروف عندما يتعلق الامر بالسودان في سياسة اوغندا الخارجية فإن موقف الخارجية الاوغندية هو موقف المتفرج لأن الامر برمته من اهتمامات الرئيس موسفيني شخصيا والذي هو مؤيد لاستقلال جنوب السودان بالنظر من موقفه من العرب والمسلمين رسميا تؤيد الحكومة الاوغندية اتفاق السلام الشامل وسوف تدعم احترام نتائجه.
الموقف التشادى
رغم عدم وجود حدود له مع الجنوب الاانه ، أكدا دريس ديبي رفضه لفكرة تقسيم السودان “لأنه سيؤثر على القارة الأفريقية بأكملها ويمس دولا أخرى”، وسيؤثر بالفعل على حدوده مع دارفور غرب السودان الشمالى مشيرا إلى إمكانية الوصول إلى حلول أخرى فيما يتعلق بالسودان كإقامة دولة فيدرالية على سبيل المثال. ودعا ديبي إلى ضرورة العمل الجاد في أفريقيا لتجنب الوقوع في فخ وصف القارة الأفريقية بأنها قارة المآسي
الموقف الصومالى
عارضت الانفصال ، رغم كل ماتمر به من ضعف وانهيار للدولة
موقف افريقيا الوسطى
لم تعد تهتم بالانفصال
موقف الكنغو الديمقراطة
معظم صراعاته تاتى من الشرق ، لذلك لم تهتم قط لمسالة الانفصال او الوحدة