الخميس,12 يوليه 2012 - 02:05 ص
: 23970

كتب الباحثة: عبير الفقي بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية
berbera72@yahoo.com
رغم الانجازات التى حققها اتفاق السلام الشامل والمتضمنه الاتفاق على تقاسم الثروة بين الطرفين الشمالى والجنوبى الا انة كانت هناك العديد من العقبات والتحديات التى تواجة الطرفين فى استكمال عملية السلام حتى بعد الانفصال وظهور دولة جنوب السودان الجديدة .
fiogf49gjkf0d
من القضايا العالقة والتى لم تجد طريق لحلها بين الطرفين حتى الان" قضية ابييى" وهى المنطقة التى تقع بين الشمال والجنوب ويختلف الطرفين على ترسيم حدودها فى تبعيتها لاى منهم والتى كادت المفاوضات بين حكومة الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان ان تنهار فى وقت من الاوقات لولا تدخل الولايات المتحدة وتقديم ماعرف فيما بعد ببرتكول ابييى.
ومن المعروف ان منطقة ابيي من المناطق الغنية بالنفط وهو مااجج شدة الصراع بين الطرف الشمالى والجنوبى على تبعية المنطقة لى منهما حيث كان من المفترض اجراء استفتاء منفصل عن استفتاء انفصال الجنوب لتحديد تبعية المنطقة للطرف الشمالى اوللجنوب الا انة حتى الان لم يتم هذا الاستفتاء وظلت الامور معلقة لعدم وجود حلول ترضى اى من الطرفين .
من القضايا الاخرى التى ظلت عالقة بين طرفى اتفاق السلام الشامل هى قضية عوائد النفط حيث شككت الحركة الشعبية لتحرير السودان فى مسألة العوائد الحقيقة من النفط ومنحت حق التنقيب عن البترول فى الجنوب لبعض الشركات دون مشاورة مع المؤتمر الوطنى الا انه تم تدارك الامر وتم ايقاف الشركة عن التنقيب وهو مااظهر استمرار وجود فجوة من عدم الثقة بين الطرفين طالما زادت واتسعت حتى بعد الانفصال وقيام دولة جنوب السودان الوليد.
فمنذ الإعلان رسميا عن الانفصال وقيام دولة الجنوب في التاسع من يوليو الماضي، يخيم التوتر على علاقات البلدين بصورة مقلقة تثير المخاوف من تداعيات تلك الأزمة على الأوضاع الداخلية في كل منهما وأوضاع المنطقة بشكل عام تمحورت الخلافات بين دولتي السودان حول العديد من القضايا العالقة التي لم يحسمها اتفاق نيفاشا للسلام عام 2005 وعلى رأسها قضية النفط، خاصة وأنه يعتبر المورد الاقتصادي الرئيسي للدولتين.
كان من المفترض ان انفصال الجنوب والتزام كل من الطرفين بما تم الاتفاق علية فى اتفاق السلام الشامل سيؤدى الى هدوء العلاقات بين الدولتين الا ان ماحدث هو انة بعد انفصال الجنوب فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق بشأن رسوم عبور نفط الجنوب عبر السودان ليصدر عبر ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، وانهارت المحادثات بينهما حيث تبادل الطرفينالاتهامات بينهما واتهمت دولة جنوب السودان الخرطوم بوقف عمليات تحميل ال نفط بصفة مؤقتة لكن الخرطوم نفت ذلك مؤكدة أن قرار وقف صادرات الجنوب قد اتخذ بالفعل لكنه لم ينفذ فى حين اتهمت الخرطوم دولة جنوب السودان بالوقوف وراء المتمردين فى جنوب كردفان والنيل الازرق .
وهكذا فأنة رغم وجود اتفاق بين الطرفين الا ان القضايا العالقة التى لم يتوصل الى اتفاق بينهم بشأنها اثرت حتى على تنفيذ البنود التى تم الاتفاق عليها من حيث التنفيذ .فمشكلة دولة الجنوب الجديدة من انها كدولة حبيسة تحتاج الى منفذ لتصدير البترول منها يجعلها فى موقف ضعيف وفى حاجة للشمال الذى هوايضا من ناحية اخرى يعانى من مشكلات اقتصادية منذ الانفصال نتيجة لفقدة جزء كبير من الموارد التى كان يعتمد عليها.
فالبترول هنا ورقة ضغط يستخدمها كل من الطرفين تجاة الاخر حيث تصاعدت حدة الحرب الكلامية بين شمال وجنوب السودان في الآونة الأخيرة، خاصة بعد فشل الجانبين في التوصل لاتفاق بشأن تصدير النفط الجنوبي عبر الموانئ الشمالية، وذلك بعد رفض جوبا خطة الطريق التي قدمتها كل من كينيا وإثيوبيا –حليفتى جوبا-على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة بأديس أبابا الشهر الماضي، حيث رأت جوبا الوثيقة مجحفة بالنسبة لها، لأنها تربطها بدولة الشمال من جديد، ولا تتيح لها البحث عن مصادر أخرى لتصديره، وتحديدا عبر كينيا التي أبرمت معها بالفعل اتفاقا لتصدير بترولها عبر ميناء ممباسا، الا ان الأمر سيستغرق بعض الوقت.
ورغم هذا التصعيد فى الحوار فأننا نجد ان دولة الجنوب لم تلوح بالحرب بشكل مباشر ، وإنما أعربت عن خشيتها من ألا يؤدي التوصل لاتفاق إلى نزاع. ومع ذلك، فإن هناك عدة أسباب تقف وراء التصعيد الجنوبي، لعل أبرزها محاولة محاولة إظهار القوة في مواجهة الشمال ، وتأكيد إمكانية خوضهم الحرب في مواجهة الخرطوم ، تحسبا لأي خطوات هجومية يمكن ان يتخذها الطرف شمالي خاصة أن هذه المنطقة النفطية ليست ضمن المناطق الحدودية المتنازع عليها أو القضايا العالقة بين البلدين, وإنما هي منطقة شمالية تقع إلي الشمال من خط حدود عام 1956, كما أن قرار التحكيم الدولي في لاهاي عام 2009 أقر تبعية المنطقة لشمال السودان.
لذلك يمكن القول ان مايحدث هو محاولة من دولة جنوب السودان بالضغط على الخرطوم للتوصل الى اتفاق فيما يتعلق بالنفط والذي يبدو أن موقف الخرطوم قوي بالنسبة له على الأقل حتى هذه اللحظة لعدم وجود بديل بالاضافة الى ان القضاياالتى مازالت معلقة، لاسيما قضية أبيي التي تكمن أهميتها بالأساس في مواردها النفطية.
اما من ناحية الطرف الشمالى فأننا نجد ان هناك عدة اسباب ايضا وراء تصعيد الموقف مع دولة الجنوب تمثلت فى القرار الأمريكي الأخير برفع القيود على مبيعات المعدات الدفاعية للجنوب ليزيد من حدة التوتر بين دولتي السودان.
خاصة أن هذا القرار سيسمح لدولة الجنوب بامتلاك أحدث الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما سيشكل خطرا جسيما على أمن السودان والمنطقة بأكملها، وزاد من خطورة الموقف إعلان حكومة الجنوب استعدادها لدراسة مقترحات بشأن إنشاء قواعد أميركية لديها في حال إذا طلبت واشنطن ذلك، وهو الأمر الذي ساهم في تفاقم الأزمة حيث اعتبرت الحكومة السودانية أن هذه الخطوات من شأنها أن تضر بأمن المنطقة وتعيد أجواء الحرب من جديد كما أنها ستجعل حكومة الجنوب أكثر تعنتا في حل القضايا العالقة بينهم.
إضافة إلى الخلافات التي تخيم على علاقات البلدين، فأن كل منهما تواجه العديد من التحديات التي تشكل عقبة على طريق الاستقرار، فالسودان الشمالي يمر بأزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى زيادة معدلات الأسعار وارتفاع نسبة التضخم وذلك بعد خسارة ثلاثة أرباع عائدات النفط، المصدر الأساسي للدخل، بسبب انفصال الجنوب.
فالمنظومة الاقتصادية هناك تعاني خللا واضحا بسبب السياسات المتبعة والتي كانت تعتمد على النفط بشكل أساسي وأهملت باقي القطاعات هذا الأمر أدى إلى حدوث تفاوت مريع في الدخول والإنفاق بين طبقات أثرت ثراء فاحشا وبين غالبية ساحقة تعاني أشد المعاناة. ومما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية في السودان الحروب المفتوحة على أكثر من جبهة في دارفور التي لم تحل وثيقة الدوحة الأخيرة، فضلا عن أزمة ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتواجد المتمردين هناك والتى تعتقد حكومة الخرطوم ان دولة جنوب السودان وراء القوات المتمردة الموجودة هناك وتساندها.