الخميس,12 يوليه 2012 - 02:08 ص
: 23876

كتب الباحثة: عبير الفقي بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية
berbera72@yahoo.com
لقد جاءت اتفاقية السلام الشامل بعد سنوات من التفاوض بين حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية تحت مظلة دول الإيجاد الإفريقيةومشاركة عدد من الدول الغربية توصل الطرفان الى هذة الاتفاقية التي وقعت في نيفاشا (نيروبي) في التاسع من يناير 2005.
fiogf49gjkf0d
ومثلت الاتفاقية كسباً غير مسبوق لأهل الجنوب لأنها منحتهم فوق ما كانوا يتطلعون إليه في ظل كل الحكومات السابقة.وتمثلت أهم معالم الاتفاقية في إعطاء أهل الجنوب حق تقرير المصير بنهاية الفترة الانتقالية في 2011، وتمكين الحركة الشعبية من السيطرة تماماً على إدارة الولايات الجنوبية أثناء الفترة الانتقالية (2005-2011)، ومشاركة أبناء الجنوب في الحكومة الاتحادية بنسبة 28%، وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الشماليتين بنسبة 45% لأن بعض أبنائها كانوا قد حاربوا مع الحركة الشعبية، إضافةً إلى احتفاظ الحركة الشعبية بمليشياتها المقاتلة إبان الفترة الانتقالية وخروج القوات المسلحة من حدود جنوب السودان، كما أعطتهم فرصة اقتسام عائدات البترول من الحقول الموجودة في الجنوب مناصفة بين حكومة الجنوب والحكومة المركزية، واستثناء الجنوب من تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وكذلك أبناء الجنوب غير المسلمين في العاصمة القومية، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب.
وقد حظيت اتفاقية نيفاشا بتأييدٍ كبيرٍ من كل القوى السياسية في الشمال والجنوب رغم أنها كانت ثنائية بين المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والحركة الشعبية، وتم اقتسام السلطة على المستوى الاتحادي والإقليمي والولائي لمصلحة الحزبين. ولعل السبب في ذلك التأييد هو إيقاف الحرب الدامية بين الشمال والجنوب، وأن الاتفاقية كانت شاملة لكافة القضايا المتنازع عليها بين طرفي الوطن.اما عن اتفاق تقاسم الثروة بين الشمال والجنوب السودانى فقد ورد فى الفصل الثالث من اتفاقية السلام الشامل.
اتفقت كل من حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان على تقسيم الثروة والتى يعنى بها كل الموارد بما فى ذلك عائدات النفط، فيما بينهم على نحو متكافىء على ان تفى حكومة السودان بالتزامها بتوفير التحويلات الى حكومة الجنوب وان يكفل توزيع الثروة الناتج عن موارد السودان الحياة الكريمة لكل المواطنين بدون تفرقة على اساس النوع او العنصر او الدين او الانتماء السياسى او العرق او اللغة او الاقليم حيث يقوم اقتسام وتخصيص الثروة على مبدء ان كل اجزاء السودان لها الحق فى التنمية .وبالنسبة لعائدات النفط نجد ان الاتفاق قسمها بين الحكومة المركزية وابناء الجنوب بعد منح نسبة 2% للولايات التى ينتج بها النفط .كذلك خصص نصف العائدات غير النفطية لحكومة الجنوب لتنمية الجنوب على ان تشرف على مشروعات التنمية فى الجنوب هيئة مشتركة . كذلك تضمن اتفاق تقاسم الثروة وضع نظام مصرفى ثنائى بيحث يكون نظاما اسلاميا فى الشمال وتمنع الفائدة بموجبة ونطاق مصرفيا عاديا فى الجنوب لا يتبع الشريعة الاسلامية لتقديم خدمتين مختلفتين.
كذلك تم الاتفاق على ان يفتح البنك المركزى السودانى فرعا لة فى بنك جنوب السودان .
شمل الاتفاق ايضا الاعتراف بعمليتن منفصلتين فى الشمال والجنوب وذلك حتى يتم تصميم عملة جديدة تعكس التنوع الثقافى فى السودان.وهكذا نجد انة مثلما عالج اتفاق تقاسم السلطة فى السودان قضية الاقصاء السياسى للجنوب فى مؤسسات الدولة فقد سعى اتفاق تقاسم الثروة لمواجهة ازمة التهميش الاقتصادى التى عانى منها الجنوب طويلا والذى تسببت فى حرب اهلية استمرت فيما يقرب خمسة عقود.
ولئن اعتبرنا تقاسم الثروة هو المدخل للتمكين الاقتصادى للجنوب وتحقيق التنمية التى عانى من فقدها طويلا ، فانة يعتبر ايضا المتغير الذى كان اكثر تأثيرا فى اختيار الشمال للوحدة وفى ذات الوقت اختيار الجنوب للانفصال بعد الفترة الانتقالية التى استمرت ست سنوات وفقا لاتفاق السلام الشامل او حتى لفشل الاتفاقات السابقه والعودة للاقتتال فيما بينهم.لقد كان للثروة دورا رئيسا فى موقف كل من الشمال والجنوب فى مواقفهما سواء المطالبة بالوحدة او المطالبة بالانفصال.
لقد كان هناك العديد من المؤشرات والدلائل التى افصحت عن نفسها من خلال الازمات المتوالية بين شريكى حكومة الوحدة الوطنية طوال خمس سنوات من عمر اتفاق نفاشا والتى اوضحت بجلاء ان قضية وحدة السودان لم تكن تشغل ذهن القادة الجنوبيين بل ان الحديث عنها من وقت الى اخر كان من اجل توظيفها فى الصراع السياسى مع حزب المؤتمر الوطنى.لقد كانت نية الانفصال تعلن عن نفسها فى كل بند من بنود الاتفاق وتلوح بدولة جديدة يتم التجهيز لها خلال الفترة الانتقالية التى تم الاتفاق عليها .