الخميس,12 يوليه 2012 - 02:11 ص
: 24317

كتب الباحثة: عبير الفقي بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية
berbera72@yahoo.com
اعتبرت مشكلة جنوب السودان من اخطر واكثر المشاكل الاقليمية تعقيدا سواء فى القارة الافريقية او للعالم العربى وذلك ان جذورها ترجع الى فترات الاستعمار البريطانى للسودان والذى كرس للانقسام بين الشمال والجنوب بممارسات عديدة ساهمت فى تعميق الفوارق الى حد كبير بين الشمال والجنوب.
fiogf49gjkf0d
بالاضافة للممارسات الاستعماريه، تعاقبت على السودان اكثر من سته من انظمة الحكم كان لكل منها اليد فى تعميق الشعور بالفوارق بين الجانبين الشمالى والجنوبى مما زادمن ازمة الثقة بينهما . ويعتبر نظام حكم الرئيس النميرى من اكثر هذة الانظمة مساهمة فى تعميق جذور الخلافات بين الشمال وجنوب السودان،فبرغم معرفة النظام السودانى ان مشكلة الجنوب بالاساس هى ازمة ثقة ترتكز على مواريث اجتماعية ونفسية ولغوية ودينية واقتصادية ايضا، ورغم المحاولات التى بذلت لحل الخلاف المتمثلة فى اتفاقات مثل اتفاق اديس ابابا عام 1972 والذى كان يكفل للجنوب حكم ذاتى الا ان هذا الاتفاق انهار فى عام 1983وذلك لتنكر حكومة "النميرى" لمبادىء اتفاقية اديس ابابا والرجوع فى التزاماتها المتعلقة باقتسام السلطة مع الجنوبيين. بالاضافة الى ذلك ظهور النفط فى الجنوب ومحاولة حكومة الشمال "نميرى" تعديل حدود الولايات بحيث ينسب اكتشاف النفط الى الشمال وهو مااثار حفيظة الجنوبيين وزاد من ازمة الثقة بينهم وبين الشمال.
هذا بالاضافة الى السياسات التى اتخذتها الحكومة الشمالية من جعلها الشريعة الاسلامية اساس لحكمها وهو مااخاف ابناء الجنوب كذلك كان لصدور ميثاق التكامل بين مصر والسودان عام 1982 اثرة فى تجديد مخاوف الجنوبيين من فقدان هويتهم لمصلحة الهوية العربية .
ازاء هذا الاصرار من جانب الحكومة المركزية على فرض الاندماج الطائفى اشتعلت اعمال العنف فى الجنوب على يد قوات الانيانيا 2 والتى كانت الجناح العسكرى لتنظيم جبهه تحرير الجنوب حيث حظت بتأيد الجنوبيين اللذين اخذوا فى الانضمام الى صفوفها.
وفى الوقت التى كانت جبهة التحرير تروج لفكرة الانفصال فانها ايضا كانت تركز فى دعواها على ضرورة اسقاط نظام النميرى الذى سقط بالفعل وجاء بعدة نظام عبد الرحمن سوار الذهب ثم تلاه نظام الصادق المهدى الذى زاد من المشكلة بين الطرفين ،إلي أن جاءت حكومة الإنقاذ التي نجحت في إيقاف الحرب الأهلية وذلك من خلال توقيع عدة برتكولات مع الحركة الشعبية تمثلت فى بروتوكول مشاكوس الذي وقع في كينيا عام 2002 والذى اعتبر بذرة الانقسام فى السودان. حيث اتفق الطرفان تحت رعاية الهيئة الإفريقية الحكومية للتنمية (إيجاد) على أن تكون أولويتهما تحقيق الوحدة، وعرف ذلك الاتفاق باتفاق مشاكوس الذي نص على عدة قضايا أهمها تقاسم السلطة والقضاء والاعتراف بالسيادة الوطنية للسودان إضافة إلى حق سكان الجنوب وحاجتهم في التعبير عن طموحاتهم بالمشاركة في جميع مستويات الحكم والربط بين مؤسسات الحكم المختلفة وتطوير العدالة والمساواة بين الناس وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وإجراء انتخابات عامة نزيهة خلال الفترة الانتقالية وإقامة مجلس تشريعي من شقين وضمان تمثيل عادل لسكان الجنوب فيهما وإجراء تعداد سكاني خلال فترة انتقالية مدتها ست سنوات ووضع أسس عامة لتقسيم الثروة وتأسيس عدد من اللجان المستقلة والالتزام بمواصلة المحادثات بهدف تحقيق المبادئ المذكورة.بعد ذلك توالى توقيع عدة برتكولات بين الطرفين كلها كانت فى نيفاشا تمثلت فى بروتوكول للترتيبات الأمنية عام 2003،ثم بروتوكول تقاسم الثروة الذي وقع عام 2004 تلاه بروتوكول لتقاسم السلطة عام 2004، بروتوكول حسم النزاع في جنوب كردفان عام 2004، بروتوكول حسم النزاع في آبيي الذي عام 2004 ثم اتفاقية نيفاشا عام 2005 والذى سميت باتفاق السلام الشامل 2005 تلا ذلك اعلان دولة جنوب السودان فى 9 يوليو 2011 بعد استفتاء شعبى صوت لصالح الانفصال فى فبراير 2011.