الأربعاء,11 مارس 2015 - 12:00 ص
: 16997

حتجاجات اليمن عام 2014 أو ثورة 21 سبتمبر أو انقلاب 2014 في اليمن يشير إلى إستيلاء الحوثيين على السلطة في 21 سبتمبر 2014 و19 يناير 2015. بدأ باحتجاجات على قرارٍ للحكومة اليمنية يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتحولت إلى إشتباكات بين الحوثيين، قوات علي عبد الله صالح، وميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح وعلي محسن الأحمر.
fiogf49gjkf0d
في 21 سبتمبر 2014، اقتحم الحوثيون مقر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر وجامعة الإيمان الإصلاحية بعد أربعة أيام من الاشتباكات مع الفرقة الأولى مدرع، وسيطروا على مؤسسات امنية ومعسكرات ووزارات حكومية دون مقاومة من الأمن والجيش وأعلن منتسبو التوجية المعنوي بوزارة الدفاع تأييدهم لـ"ثورة الشعب". الألوية العسكرية التي اشتبكت مع الحوثيين في سبتمبر 2014 كانت مرتبطة بعلي محسن الأحمر وموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح آيديولوجياً.
وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي قضى بتشكيل حكومة جديدة بقيادة خالد بحاح خلفاً لما سُمي بحكومة الوفاق الوطني.وهرب علي محسن الأحمر إلى السعودية، وحميد الأحمر وتوكل كرمان وآخرين مرتبطين بهم إلى تركيا. أعقب السيطرة على صنعاء معارك في إب والحديدة والبيضاء مع ميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح وأُتهمت جماعة الحوثيين بخرق وعرقلة اتفاق السلم والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. إذ أرادوا من حكومة خالد بحاح أن تكون حكومة صورية تشرعن لهم إستيلائهم على الدولة
تطورت الأحداث وقدم عبد ربه منصور هادي وخالد بحاح إستقالتهما في 22 يناير 2015 بعد هجوم الحوثيين على دار الرئاسة في 19 يناير، إحتجاجاً على موادٍ في مسودة الدستور الجديد. وذلك بعد يومين من اختطاف أحمد عوض بن مبارك وتهديدهم بـ"اجراءات خاصة" مالم تُنفذ مطالبهم.أصدر الحوثيون ما أسموه بالـ"إعلان الدستوري" في 6 فبراير والقاضي بتشكيل مجلس وطني من 551 عضواً، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء بقيادة محمد علي الحوثي. وهو ما رُفض محلياً ودولياً وأعلن جمال بنعمر عن إستئناف المفاوضات لحل أزمة فراغ السلطة في 9 فبراير 2015. لم يبت مجلس النواب في إستقالة عبد ربه منصور هادي وغادر إلى عدن في 21 فبراير معلناً عن نفسه رئيساً من جديد في بيانٍ نُسب إليه.
في 26 فبراير 2015، أصدر مجلس أمن الأمم المتحدة بياناً يصف فيه عبد ربه منصور هادي بالـ"رئيس الشرعي" داعياً جميع الأطراف وبالذات الحوثيين إلى الانخراط بحسن نية في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة. وأعلن جمال بنعمر عن إمكانية نقل مكان المفاوضات إلى "مكان آمن" خارج صنعاء.
حصار صنعاء
إثر سقوط عمران عزز الحوثيون من تواجدهم في محيط العاصمة صنعاء. وبرز ذلك بوضوح عقب قيام السلطات اليمنية برفع أسعار المشتقات النفطية بأكثر من الضعف في 30 يوليو/تموز. حيث استغل الحوثيون هذا القرار "غير الشعبي" وتحركوا باتجاه محاصرة العاصمة بالطريقة نفسها التي تمت في عمران. ووفقا لذلك تم إنشاء مخيمات للمسلحين الحوثيين على معظم مداخل العاصمة صنعاء، والتجمع والاعتصام داخلها.
وبالتزامن مع ذلك، قام زعيم الحركة الحوثية بتوجيه ثلاثة مطالب للسلطات اليمنية في 17 أغسطس/آب، تضمنت: إلغاء الزيادة على المشتقات النفطية، وإقالة الحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وقد هدد السلطات بأنه سيتخذ إجراءات مؤلمة في حال لم تقم بتنفيذ تلك المطالب خلال بضعة أيام.
وتنفيذا لذلك التهديد؛ قام الحوثيون في 22 أغسطس/آب بالاعتصام قرب ثلاث وزارات مهمة هي الداخلية والكهرباء والاتصالات، لممارسة المزيد من الضغوط على الدولة والمجتمع. وأقدموا في 9 سبتمبر/أيلول على تسيير مظاهرة باتجاه مجلس الوزراء أسفرت عن مواجهات مع القوات المسؤولة عن حماية المجلس وإذاعة صنعاء المجاورة، قتل فيها تسعة من المتظاهرين.
وقد استغل الحوثيون تلك الحادثة لممارسة المزيد من الضغوط على السلطة التي طالبوها بتسليم المسؤولين عن تلك الحادثة للحركة والاعتذار الرسمي والتعويض لأسر الضحايا.
وفي 16 سبتمبر قام الحوثيون باقتحام قرى في الشمال الغربي للعاصمة، والاشتباك مع بعض أشخاص فيها محسوبين على اللواء علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح. وعلى ما يبدو؛ فإن هذه الاشتباكات كانت بمثابة الخطوات التمهيدية لعملية إسقاط صنعاء.
فعلى إثر هذه الاشتباكات توسعت المواجهات إلى المناطق الشمالية الغربية من مدينة صنعاء خلال أيام، لتصل ذروتها في 21 سبتمبر/أيلول. ففي هذا اليوم، وبعد أن كثف الحوثيون من هجومهم، قرر اللواء علي محسن -الذي كان يقود المواجهات معهم- وقيادة حزب الإصلاح الانسحاب من المعركة، بعد أن تأكد لهم أن الرئيس هادي ووزير دفاعه لن يدعموهم، وأنهم ربما يرغبون في إضعافهم وخصومهم الحوثيين لتقوية المركز السياسي لهادي.
نهب المعسكرات
وبانسحاب اللواء الأحمر والإصلاح من أمام الحوثيين انفتحت أبواب العاصمة أمامهم، ولهذا قام هؤلاء بالدخول إلى جميع المعسكرات التي كانت تتبع اللواء الأحمر، ونهبوا جميع أسلحتها. وقد ظهر كل ذلك وكأنه تم بتفاهم -فعليّ أو ضمني- بينهم وبين الرئيس هادي ووزير الدفاع السابق محمد ناصر أحمد، فالمعلومات التي رشحت بعد ذلك أشارت إلى أن وزير الدفاع كان قد أصدر الأوامر لتلك المعسكرات بالاستسلام للحوثيين.
وفي موازاة ذلك؛ كان المبعوث الأممي جمال بن عمر يتفاوض مع الحوثيين حول اتفاقية جديدة، أسميت بـ"اتفاقية السلم والشراكة الوطنية" والتي تم التوقيع عليها في يوم احتلال الحوثيين لصنعاء نفسه. وقد غطت هذه الوثيقة، وشرعنت لذلك الاحتلال؛ حيث تم الإيحاء بأن هذا الاتفاق يمثل نقلة نوعية في العملية السياسية في اليمن، خاصة أنه قد تم بمباركة من الرئيس هادي والمبعوث الأممي، ووقعت عليه جميع القوى، وهو التوقيع الذي تم إما تواطؤًا مع الحوثيين أو خوفًا منهم، بينما الحقيقية أن ذلك الاتفاق لم يكن إلا الغطاء الذي حجب عملية سقوط صنعاء.
ووفقا لذلك الاتفاق الذي قام المبعوث الدولي بتسويقه خارجيا، مُنح الحوثيون غطاء لاحتلالهم العاصمة، وحققوا معظم مطالبهم، وتحديدا إقالة الحكومة، والهيمنة على السلطة تحت حجة المشاركة السياسية.
وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء عسكريا، شرعوا بالتمدد على المستوى السياسي والجغرافي. فعلى المستوى السياسي، شكل الحوثيين لجانا من مليشياتهم وحلفائهم، تحت اسم اللجان الثورية الشعبية، وتم وضعها في أغلب الوزارات ومؤسسات الدولة للسيطرة عليها، لتصبح هذه اللجان هي المسؤولة عن القرارات الرئيسية داخل هذه المؤسسات.
إب والحديدة
وأما على المستوى الجغرافي، فقد تمدد الحوثيون باتجاه معظم المحافظات التي كان يتشكل منها ما كان يعرف باليمن الشمالي. ففي يوم 13 أكتوبر سيطر الحوثيون على مدينة الحديدة دون أي مقاومة. وبعدها بيومين دخلوا مدينة إب التي واجهوا فيها مقاومة محدودة من قبل حزب الإصلاح وبعض القوى القريبة من تنظيم القاعدة.
وفي السياق نفسه، اقتحم الحوثيون مدينة رداع الواقعة في محافظة البيضاء في تاريخ 17 أكتوبر، وهي المحافظة التي وجدوا فيها مقاومة شرسة من قبل تنظيم القاعدة وبعض القوى القبلية، أدت إلى مقتل المئات من الطرفين ومن المدنيين.
سيسجل التاريخ بأن عام 2014 كان عام السعد بالنسبة للحركة الحوثية، غير أن التاريخ سيسجل أيضا أنه كان عاما أسود بالنسبة لليمن. فبسقوط صنعاء دخل اليمن نفقا مظلما لا يُعرف كيف ومتى سيخرج منه، فاليمن في نهاية عام 2014 هو في حالة أسوأ بكثير من حالته في بدايته.