الإثنين,25 أكتوبر 2010 - 11:12 م
: 6951

رغم العلاقات المتينة والروابط المتعددة بين إريتريا وإثيوبيا، فقد انفجر الموقف بينهما عسكرياً في مايو 1998م، على خلفية حدود مشتركة وبطريقة لم تكن متوقعة جعلت من الصراع في منطقة القرن الإفريقي ينقل نقلة نوعية من الصراع العرقي والديني إلى صراع دول وطنية ذات خطط واستراتيجيات قومية. مما مثل مفاجأة للمجتمع الدولي؛ ليس فقط لأن الحرب جاءت متعارضة مع توجهات النظام العالمي الذي تضاءل خلاله اندلاع الحروب النظامية الواسعة.وإنما لكون قائدي النظامين في البلدين: ينتميان إلى نفس المجموعة العرقية.
edf40wrjww2article:art_body
fiogf49gjkf0d
وعلى الجانب الإريتري نجد أن حقبة الاستعمار الإثيوبي ـ الذي امتد لأكثر من ثلاثين عاماً – لإقليم إريتريا قد خلفت ميراثاً من المرارة والكراهية في نفوس الإريترين تجاه إثيوبيا.
بدأ الصراع الحدودى بين اثيوبيا واريتريا لاول مرة فى 6 مايو 1998 حينما تبادلت الدولتان الاتهام بانتهاك الحدود، التي سرعان ما تحولت إلى مواجهات عسكرية ظلت تتصاعد حينًا وتخبو حينًا آخر.
حيث بعد استقلال إريترياعام 1993 ظل هناك تيار إثيوبي ينادي بضرورة إعادة ضم إريتريا إلى إثيوبيا واعتبر ذلك الفريق أن الموافقة على استقلال إريتريا كان خطأ فادحاً لحرمانه إثيوبيا من أي منفذ على البحر الأحمر رغم ضخامتها المساحية وكثافتها السكانية، في حين تتمتع إريتريا التي لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة بساحل يمتد مئات الأميال، وتجد تلك الحجة تعاطفاً وتأييداً كبيرين بين الجماهير الإثيوبية وحتى بين أولئك المؤيدين لحق إريتريا في الاستقلال حيث يرى هؤلاء ضرورة أن يكون لإثيوبيا منفذ للملاحة حتى لا تظل تحت رحمة جيرانها
وعلى صعيد طموحات القيادات نجد أن كلا من إثيوبيا وإريتريا قد حرص على تقديم نفسه كفاعل إقليمي حيوي بالمنطقة يجب الاعتماد عليه فيما يتصل بأي من الترتيبات المزمع اتخاذها، واستندت إثيوبيا في ذلك على ميراثها من العلاقات الخارجية الدولية والإقليمية وتراثها التاريخي الحضاري كواحدة من أقدم وأعرق دول القارة إضافة إلى ثقلها البشري واتساعها الجغرافي. وفي المقابل طرحت إريتريا نفسها كفاعل إقليمي يجب الاعتداد به انطلاقاً من موقعها الإستراتيجي وقدراتها العسكرية والتنظيمية – حيث يذكر أن الجيش الإريتري في الأعوام التالية لاستقلال إريتريا كان يعد أكثر جيوش المنطقة كفاءة وتنظيماً في ظل خبرة الكفاح الوطني الطويلة التي خاضها، علاوة على ذلك عمدت إريتريا إلى إقامة شبكة من العلاقات الخارجية التي تؤمن لها الحصول على ذلك الدور الاقليمي،
ومن ثم نجد ان إريتريا ركزت ثقلها الأساسي في إدارة حملة إعلامية إقليمية ودولية لحشد التأييد الدولي والإقليمي لموقفها من الصراع
وعلى الجانب الآخر، لوحظ أن الموقف الإثيوبي عبر مراحل الصراع اتسم بالغموض والمماطلة والتسويف فيما يتعلق بالمبادرات المطروحة لتسوية الصراع وإنهاء الحرب حيث اقتصر موقف إثيوبيا على تفنيد ادعاءات إريتريا بشأن الاعتداء الإثيوبي والتأكيد على أن الأراضي موضع النزاع إثيوبية الأصل، وأن الأسباب الحقيقية للصراع تكمن في الصعوبات الداخلية التي واجهتها إريتريا فدفعتها لمحاولة نقل خلافاتها ومشاكلها الداخلية إلى خارج إريتريا بادعاء أن لإريتريا أراضي لم تتسلمها من دول الجوار، الأمر الذي أسفر عن عدة مواجهات حدودية بين إريتريا ودول جوارها المختلفة (اليمن - إثيوبيا - السودان - جيبوتي..) الأمر الذي رأت فيه إثيوبيا دليلاً على أن الخلافات الحدودية ليست سياسات آنية أو عابرة بقدر ما هي إستراتيجية ثابتة تنتهجها الحكومة الإريترية في تعاملها مع دول الجوار.
. وقد رفضت إثيوبيا أي حديث عن تسوية سلمية للنزاع قبل إنسحاب إريتريا من الأراضي التي احتلتها دون قيد أو شرط لكن المباغتة الإريترية نجحت في إحداث هزة واضطراب داخل المؤسسة العسكرية الإثيوبية والنظام الحاكم "بأديس أبابا" في ظل إدراك النظام الإثيوبي للرهان الإريتري على مسألة القوميات؛ لذا لم يسارع النظام بدفع كافة قواته وتوجيها إلى الجبهة خوفًا من انتهاز قوى المعارضة الفرصة لمحاولة التخلص من النظام الحاكم أو الانفصال عنه، وفي ظل تلك الحسابات اضطرت إثيوبيا للقبول وقتيًّا بما فرضته إريتريا على أرض الواقع على الرغم من الصدمة التي أصابت المجتمع الإثيوبي من جراء ذلك، تلك الصدمة التي عبر عنها النظام ذاته بإعلان وقف الحرب عبر البرلمان الإثيوبي في 13/5/1998 في محاولة لامتصاص غضب الشعب الإثيوبي بجعل قرار إيقاف الحرب بيد نوابه في البرلمان.
وفي ضوء ما سبق لم يكن من المستغرب أن يتجدد القتال فى مايو 2000وبضراوة في ظل إصرار إثيوبيا على إعادة هيبتها ومكانتها التي اهتزت بفعل تطورات الحرب أول الأمر، وهو ما يفسر أيضاً عدم احتفاء إثيوبيا باسترداد المناطق التي تدعيها لدى إريتريا وتوغلها داخل الأراضي الإريترية صوب العاصمة أسمرة رغم كافة النداءات والتهديدات الدولية بفرض عقوبات عليها حال عدم امتثالها للشرعية الدولية. وعلى صعيد الامم المتحدة طالب مجلس الأمن الدولي أثيوبيا وإريتريا بوقف الحرب بينهما والدخول فى مفاوضات لتسوية النزاع سلميآ