الجمعة,11 نوفمبر 2011 - 10:04 ص![](/images/openBook.png)
: 15383
![](/images/print.jpg)
كتب من كتاب دكتور على الدين هلال، تطور النظام السياسي المصري
ترجع خصائص اى نظام سياسى الى مجموعة معقدة منة العوامل التاريخية والاجتماعية ، وخصائص النخبة الحاكمة فى كل مرحلة ويمكن القول ان السمات الرئيسية لنظام الحكم فى الخمسينيات والستينيات تعود اساساً الى الظروف التاريخية التى ارتبطت بحركة الجيش فى 23يوليو 1952، وتطور وقعائها واحداثها فى السنوات التالية. ان اهم سمات هذه الحركة ثلاث :
fiogf49gjkf0d
اولا : انها حركة عسكرية، قوامها رجال عسكريون ، واداتها تنظيم عسكرى ( تنظيم الضباط الاحرار ) ولم يكن ضمن عناصرها شخصيات مدنية كما انها لم تقم بتخطيط مسبق او تعاون مشترك مع حزب او حركة سياسية مدنية خارج الجيش بل لقد حرص تنظيم الضباط الاحرار على الاحتفاظ باستقلاله التنظيمى عن الاحزاب السياسية التى اتصل بها ، او اقام علاقات معها قبل عام 1952. وثانيا: انها حركة سرية قامت بعمل انقلابى ضد نظام الحكم القائم وقتذاك وقد اثر ذلك على انماط السلوك السياسى لقادتها فيما بعد وهم فى الحكم ، وبالذات فيما يتعلق باولوية عنصر الامن ، وثالثا : انها لم تمثل تنظيما ايديولوجيا موحدا ولم يكن هناك عقيدة سياسية واحدة تربط القائمين بها سوى بعض الشعارات العامة التى تبلورت فيما بعد فى المبادئ الستة . يؤكد ذلك ان الحركة ضمت بين قياداتها عناصر مختلفة ايديولوجيا وفكريا .
وهذه الخصائص كالاتى :
1) مركزية السلطة :
افصح الحكم عن مركزية واضحة للسلطة اتخذت ثلاث صور رئيسية . اولها ، مركزية السلطة فى اطار النخبة العسكرية دون مشاركة واضحة للمدنيين ، ثانيها ، مركزية السلطة فى العاصمة دون نقل حقيقى لها خارج القاهرة ، وثالثها ، مركزية السلطة فى يد رئيس الجمهورية الذى امتلك سلطات واسعة بمقتضى الدستور . وارتبطت بمركزية السلطة سمة اخرى لا تقل اهمية وخطورة وهى الدمج بين السلطات ورفض مفهوم التوازن بينها فمنذ عام 1952 ومن خلال ادوات قانونية دستورية او عبر ممارسات فعلية سيطرت السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية ولم يعد البرلمان اداة رقابية ذات فعالية او شان بل استطاعت السلطة التنفيذية من خلال تحكمها فيمن يستطيع لن يرشح نفسه لعضوية السلطة التشريعية ( الحجز عند المنبع ) وتوجيهها للاعضاء من خلال علاقة البرلمان بالتنظيم السياسى الواحد ان يكون البرلمان امتدادا بشكل او بآخر للسلطة التنفيذية .
2) القيادة الكاريزمية او التاريخية :
وهى وجود قيادة استثنائية تمثلت فى شخص الرئيس عبد الناصر، حتى ان بعض الباحثين يعتبر هذه السمة اهم ملامح النظام المصرى . فقد استمد النظام قدراً هاما من شرعيته من شخص عبدالناصر وعلاقته المباشرة مع الجماهير فى مصر والبلاد العربية الاخرى وقد اتضحت هذه القيادة بالذات فى خصم المعركة الوطنية عام 1956 المرتبطة بتاميم شركة قناة السويس والعدوان الثلاثى على مصر ثم انجاز الوحدة مع سوريا فى 22 فبراير 1958 وقيام الجمهورية العربية المتحدة .
3) غياب المنافسة السياسية :
منذ صدور قانون حل الاحزاب السياسية فى 18 يناير 1953، عرفت مصر تنظيماً سياسياً واحداً تمثل على التوالى فى هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى العربى ، ونجد ان كل هذه المؤسسات فى الغالب الاعم تنظيمات ورقية افتقدت القدرة على الحركة المستقلة او المبادرة الذاتية ، ونظر اليها المواطنون على انها جهاز اخر من اجهزة السلطة ، وانها قنوات للاتصال من جانب واحد ( من اعلى الى اسفل ) بل نظر اليها احيانا على انها ادوات للرقابة والضبط ، وكان من شان ذلك ان هذه المؤسسات لم تتمكن كن ان تصبح ادوات للمشاركة الشعبية ، او قنوات للتعبير عن المطالب او لتمثيل التيارات السياسية المختلفة.
4) السياسات الاجتماعية :
اتبع النظام مجموعة من السياسات الاجتماعية التى تطورت تحت مسميات عدة مثل العدالة الاجتماعية ، والاشتراكية الديمقراطية التعاونية ، والكفاية والعدل . وقد استخدم الجهاز الحكومى كأداة رئيسية لتطبيق هذه السياسات ، لذا اتسم النظام بوجود عدم توازن بين الادارة والسياسة بل وطغيان للادارة على السياسة وذلك نتيجة لغياب التنظيمات السياسية الفعالة حتى ان بعض الباحثين يدرسون النظام السياسى باعتباره نموذجا لدور البيروقراطية فى التغيير السياسى ، ونجد ان هذه السياسات سعت الى توسيع اطار الاستفادة من عائد التنمية الاقتصادية وسعت الى ادخال قطاعات اوسع فى هذه الاستفادة الامر الذى اعطى لها طابعا شعبيا وجماهيريا.
ونتيجة للتفاعلات الداخلية لنظام الحكم وطبيعة التحديات والمعارك التى كان عليه ان يخوضها فقد واجه النظام المصرى بدءاً من منتصف الستينات عددا من الازمات والمشاكل اهمها :
أ- قيادة شعبية لها تاييد واسع ولكنها لا تمتلك التنظيم السياسى الذى يسمح لها بتنظيم هذا التاييد وترجمته الى واقع سياسى .
ب- غياب الاطر التنظيمية التى تسمح بالمشاركة السياسية عامة وباستفادة النخبة الحاكمة من العناصر المدنية الراغبة فى الاسهام والتى قد تختلف مع الحكم فى بعض القضايا وتؤيده فى اخرى او ترغب فى ادارة حوار معه حول السياسات والبرامج .
ج- ارتبط بذلك رفض النخبة الحاكمة الاعتراف بوجود قوى او تيارات سياسية اخرى فى البلاد وفرضها نوعا من " الاجماع السياسى " الذى تمثل فى سلسلة الاستفتاءات التى حرمت فيها الآراء الاخرى من امكانية التعبير ، وكان من نتيجة ذلك ان التيارات الاخرى لم تجد متنفساً شرعياً للتعبير عن ذاتها ودخلت فى سراديب العمل السرى او اكتفت بالترقبز
د- اهتزاز شرعية النظام السياسى وقيادتة نتيجة الازمة الاقتصادية التى بدات بوادرها فى الظهور منذ عام 1966 من ناحية واستمرار حرب اليمن دون نهاية واضحة من ناحية اخرى ثم هزيمة عام 1967.