الجمعة,11 نوفمبر 2011 - 10:22 ص
: 16629

كتب من كتاب د/ على الدين هلال، تطور النظام السياسية المصري
على العكس من فترة الرئيس عبد الناصر التى شهدت اصدار عدة دساتير واعلانات دستورية ، فان فترة الرئيس السادات شهدت اصدار دستور واحد هو دستور 1971 والذى اطلق عليه " الدستور الدائم " ، وقد استمر فى هذا الدستور عديدا من خصائص دساتير العهد الناصرى وخاصة هيمنة السلطة التنفيذية على باقى سلطات الدولة ، وتمتع رئيس الجمهورية بسلطات واسعة ،
fiogf49gjkf0d
ويتضح ذلك بشكل خاص فى الباب الخامس من الدستور المتعلق بنظام الحكم حيث نصت المادة (137) على ان رئيس الجمهورية يتولى السلطة التنفيذية ، ونصت المادة (138) على انه يضع السياسة العامة للدولة بالاشتراك مع مجلس الوزراء ويشرفان معا على تنفيذها ، كما نصت المادة (138) على ان رئيس الجمهورية يعين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم . ويجوز للرئيس تعيين نائبا له او اكثر يحدد لهم اختصاصاتهم ويعفيهم منها مادة (139) . ووفقا للدستور فان رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الاعلى للشرطة .
اما بالنسبة لهيمنة السلطة التنفيذية على باقى سلطات الدولة وخاصة السلطة التشريعية التى تغير اسمها ليكون مجلس الشعب فقد اجازت المادة (147) لرئيس الجمهورية ان يصدر قرارات لها قوة القانون فى غياب مجلس الشعب حيث نصت تلك المادة على انه " اذا حدث فى غيبة مجلس الشعب ما يوجب الاسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التاخير جاز لرئيس الجمهورية ان يصدر فى شانها قرارات تكون لها قوة القانون " . وخول الدستور للرئيس سلطة اتخاذ ما يراه من اجراءات لمواجهة الاخطار التى تهدد الوطن اذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية او سلامة الوطن او يعوق مؤسسات الدولة عن اداء دورها الدستورى ، وان الاجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بيانا الى الشعب ويجرى الاستفتاء على ما اتخذه من اجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها مادة (74) واعطت المادة (148) للرئيس حق اعلان حالة الطوارئ واشترطت ضرورة عرض هذا الاعلان على مجلس الشعب خلال 15 يوما التالية ليقرر ما يراه بشانه ، وتتضح حدود السلطات التى تتمتع بها السلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية – من المادة (115) التى تنص على انه لا يجوز لمجلس الشعب ان يعدل مشروع الموازنة الا بموافقة الحكومة ، كما ان المجلس لا يغير برنامج الحكومة ويقتصر دوره على مناقشة هذا البرنامج .ويعطى الدستور للرئيس حق تعيين رئيس واعضاء المحكمة الدستورية العليا.
وقد اجريت عدة تعديلات على هذا الدستور فى عام 1980 ، فقد تم تعديل المادة الخامسة التى كانت تنص على ان الاتحاد الاشتراكى هو التنظيم السياسى الوحيد فى البلاد لكى تتواكب مع التحول الى التعددية السياسية ليصبح النص " يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على اساس تعدد الاحزاب وذلك فى اطار المقومات والمبادئ الاساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور ، وينظم القانون الاحزاب السياسية " .
وعلى الرغم من هذا النص على التعددية الحزبية الا ان باقى مواد الفصل الخامس المتعلق بنظام الحكم لم تتغير لكى تلائم هذا التعديل .
كما تم تعديل المادة الثانية من الدستور والتى كانت تنص على ان " مبادئ الشريعة الاسلامية مصدر رئيسى للتشريع " لتصبح مبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، والمادة (77) والتى كانت تنص على ان مدة رئيس الجمهورية هى ست سنوات تبدا من تاريخ اعلان نتيجة الاستفتاء ويجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدة تالية ومتصلة اى ان هذه المادة كانت تضع حداً اقصى لرئاسة الجمهورية وهو مدتين ، وذلك بحيث اطلقت مدد تولى منصب رئيس الجمهورية حيث نص التعديل على انه يجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد اخرى ودون وضع حد اقصى لها .
وبالنسبة للسلطة التشريعية فقد نص دستور 1971 على ان مجلس الشعب هو عماد السلطة التشريعية . اما من الاختصاصات فقد نص الدستور على ان مجلس الشعب يتولى سلطة التشريع ، ويقر السياسة العامة للدولة ، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والموازنة العامة للدولة ، كما يمارس الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية . وبالنسبة للموازنة العامة للدولة فقد نص الدستور على انه يجب عرض مشروعها على المجلس قبل شهرين على الاقل من بدء السنة المالية ولا تعتبر نافذة الا بموافقة الحكومة واذا لم يتم اعتماد الموازنة الجديدة قبل السنة المالية عمل بالموازنة القديمة الى حين اعتمادها ، ويجب موافقة مجلس الشعب على نقل اى مبلغ من باب الى اخر من ابواب الموازنة العامة .
وبالنسبة لعلاقة مجلس الشعب بالسلطة التنفيذية فقد نص دستور 1971 على ان لمجلس الشعب ان يقرر بناء على طلب عشر اعضائه مسئولية رئيس مجلس الوزراء ، ويصدر القرار باغلبية اعضاء المجلس ولا يجوز ان يصدر هذا القرار الا بعد استجواب موجه الى الحكومة وبعد ثلاثة ايام على الاقل من تقديم الطلب ، وفى حالة تقرير المسئولية يعد المجلس تقريرا يرفعه الى رئيس الجمهورية متضمنا عناصر الموضوع وما انتهى اليه من راى فى هذا الشأن واسبابه ، ولرئيس الجمهورية ان يعرض موضوع النزاع بين المجلس والحكومة على الاستفتاء الشعبى ويجب ان يجرى الاستفتاء من خلال ثلاثين يوما من تاريخ القرار الاخير للمجلس وتتوقف قرارات المجلس فى هذه الحالة فاذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة اعتبر المجلس منحلا والا قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة (مادة127) . وعلى رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته الى رئيس الجمهورية اذا تقررت مسئوليته امام مجلس الشعب (مادة 128) هذا بالنسبة للوزراء ككل ، اما بالنسة للوزراء كل على حدة ، فقد نص الدستور على ان الوزراء مسئولون امام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة ، وكل مسئول عن اعمال وزارته وليس لمجلس الشعب ان يقرر سحب الثقة الا بعد استجواب وبناء على اقتراح عشر اعضاء المجلس ، ولا يجوز للمجلس ان يصدر قراره فى الطلب قبل ثلاثة ايام على الاقل من تقديمه ، واذا قرر المجلس سحب الثقة من احد نواب رئيس مجلس الوزراء او الوزراء او نوابهم وجب عليه اعتزال الوزارة ( مادة 128).
كما نص الدستور على ان لكل عضو من اعضاء مجلس الشعب ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء او احد نوابه او احد الوزراء او نوابهم اسئلة فى اى موضوع يدخل فى اختصاصاتهم وعلى رئيس مجلسس الوزراء او نوابه او الوزراء او من ينيبون عنهم الاجابة عن اسئلة الاعضاء (مادة124) . ولكل عضو من اعضاء مجلس الشعب حق توجيه استجوابات الى رئيس الوزراء او نوابه او الوزراء او نوابهم لمحاسبتهم فى الشئون التى تدخل فى اختصاصاتهم ، وتجرى المناقشة فى الاستجواب بعد سبعة ايام على الاقل من تقديمه الا فى حالات الاستعجال التى يراها المجلس وبموافقة الحكومة (مادة 125) . ويجوز لعشرين عضوا على الاقل من اعضاء مجلس الشعب طرح موضوع للمناقشة لاستيضاح سياسة الوزارة بشانه (مادة 129) . كما ان لاعضاء مجلس الشعب ابداء رغبات فى موضوع عامة الى رئيس مجلس الوزراء او احد نوابه او احدالوزراء(مادة130).
ووفقا لتعديل دستورى فى عام 1980 ، تم انشاء مجلس الشورى الذى يتشكل وفقا للمادة 196 من الدستور من عدد من الاعضاء يحدده القانون على الا يقل عن 132 عضوا ، ينتخب ثلثاهم ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى . ولكن تغير هذا العدد من فترة لاخرى ففى عام 1980 حدد القانون العدد ب210 عضوا ازداد فى عام 1989ليكون 258 عضوا ، وزاد ملاة اخرى عام 1995 ليصبح 264 يتنافسون فى 88 دائرة انتخابية وبينما اشترط الدستور ام يكون نصف الاعضاء المنخبين على الاقل من العمال والفلاحين فانه لم يضع قيدا مماثلا على من يعينهم رئيس الجمهورية ، وتكون عضوية مجلس الشورى وفقا للمادة (198) من الدستور ست سنوات ميلادية من تاريخ اول اجتماع له ، ويتجدد انتخاب واختيار نصف الاعضاء المنخبين والمعينين كل ثلاث سنوات ويتم تحديد هؤلاء الاعضاء فى نهاية الثلاث سنوات الاولى بطريقة القرعة.
ونجد ان المادة (195) من الدستور حددت عددا من الموضوعات التى ينبغى ان يؤخذ راى مجلس الشورى بشانهاوهى : الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة او اكثر من مواد الدستور ، ومشروعات القوانين المكملة للدستور ، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى اراضى الدولة او التى تتعلق بحقوق السيادة ، ومشروعات القوانين التى يحيلها اليه رئيس الجمهورية وما يحيله رئيس الجمهورية الى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسات العامة للدولة او بسياستها فى الشئون العربية او الخارجية ، ويبلغ المجلس رايه فى هذه الامور الى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.
ونجد ان دستور 1971 خصص بابه الثالث (المواد 40-63) لموضوع الحريات والحقوق والواجبات العامة فاكد على ان المواطنين سواء امام القانون ولا تمييز بينهم لاى اعتبار وخاصة بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين ، واكد على حرمة الحرية الشخصية والحياة الخاصة ، وحرية العقيدة والحق الكامل فى ممارسة الشعائر الدينية ، وحرية الراى والتعبير والبحث العلمى ، وحق كل مواطن فى الانتخاب والترشيح .
اما الباب الرابع ( المواد64-72) وموضوعه سيادة القانون فقد اكد على ان سيادة القانون هى اساس الحكم فى الدولة وانه لا جريمة ولا عقوبة الا بناءاً على قانون ، وكفالة الحق فى التقاضى وان المتهم برئ حتى تثبت ادانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .