الثلاثاء,17 أبريل 2012 - 05:59 ص
: 24505

كتب محمد ابو نار
لتحليل محصلة السياسة الاقتصادية في أوربا، فإنه من المهم التمييز بين موضوعات السياسات، وأدوات السياسات، وأهداف السياسات، حيث تشتمل موضوعات السياسات الأولية في الاتحاد الأوربي علي تحقيق نمو اقتصادي ثابت والمحافظة علي استقرار داخلي للأسعار، وهذا لا ينطوي فقط علي الالتزام بتحقيق مستوي مستدام من الدين, بل ينطوي أيضاً على ضمان استقرار الناتج وتقليل انحرافات نمو الناتج كنتيجة للصدمات الخارجية.
fiogf49gjkf0d
أما عن أدوات السياسات الاقتصادية في أوربا فهي أسعار الفائدة الموضوعة من قبل البنك المركزي الأوربي, والسياسات المالية والاجتماعية والتنظيمية للدول الأعضاء, وبدرجة أقل المفوضية الأوربية. ومن الواضح أن بعض هذه الأدوات يمكن توظيفها باستقلال من خلال الحكومات المحلية بينما تتطلب الأدوات الأخرى درجات متنوعة من تنسيق السياسة خاصة الاتحاد النقدي.
حيث تتنوع أهداف السياسة الموظفة في أوربا وتحتوي علي معياري ماسترخت لعجز الموازنة والدين الحكومي, مع الأخذ في الاعتبار تركيز السياسة النقدية علي تحقيق استقرارالأسعار وتركيز السياسات الاقتصادية الأخرى علي تعظيم نمو الناتج طويل الأجل، ومسئولية السياسة المالية عن تحقيق استقرار الناتج في وجود الصدمات.
الحاجة لتنسيق السياسة: (الآثار الخارجية: الأساس لتنسيق السياسة)
إن التطورات المؤسسية في صنع السياسة الاقتصادية تعكس فكرة أن إدراك الوظيفة المناسبة للاتحاد النقدي والاقتصادي يتطلب إطار تنسيقي جيد, وهذا المتطلب ُيستمد من حقيقة أنه بالرغم من توحد السياسة النقدية تحت سلطة البنك المركزي الأوربي, إلا أن السياسة المالية ظلت من اختصاص السياسة المحلية.
ولأن تفضيلات السياسة محددة في الدوائر الانتخابية الوطنية، وبالتالي فإن كل حكومة وطنية لها أهداف وتفضيلات مختلفة، لكن في نفس الوقت فإن تزايد الاعتماد المتبادل بين الاقتصاديات الوطنية في داخل نفس الإطار النقدي قد أدي إلى مدى متزايد من الأثار غير المباشرة في الاختصاصات الأخرى, وليس فقط عن طريق متغيرات السياسة مثل التضخم, وسعرالصرف ومعدلات الفائدة, بل والموقف المالي الكلي أيضا والذي ينتج بصورة مشتركة.
إن ما تفعله دولة عضو يؤثر بصورة متزايدة علي الدول الأعضاء الأخرى, وسوف تؤدي أهداف السياسة غير المتسقة إلي تقليل حصيلة الرفاهية المحققة. وبالتالي فإن الرغبة في حصر هذه الأثار الخارجية داخل حدود الدولة فقط تخلق الحاجة لتنسيق السياسة, لذلك يعتبر تنسيق السياسة ضروريا عندما يكون هناك صانعي قرارات مستقلين وغير موحدين, مع تعارض محتمل في التفضيلات والأهداف, وعندما ترتب الأثار غير المباشرة اختصاصات للآخرين.
وثمة أربع حجج أساسية لشرح الحاجة للتنسيق ومنافعه المحتملة يمكن تطبيقها علي سياسات جانبي العرض والطلب:-
1) السياسات الوطنية ربما تسبب أثارا غير مباشرة علي الدول الجارة، وعلي سبيل المثال فإن المساعدات ربما تسبب خلل في السوق الموحد وبالتالي يجب التحكم فيها على المستوي الأوربي.
2) الآثار غير المباشرة، وهي سائدة خصوصاً في السلع العامة الأوربية الجماعية.
3) التنسيق يجب أن يمنع أو يخفض احتمالية التصرف المستقل السيئ من الدول الأعضاء.
4) تظهر بعض نظريات الاقتصاد السياسي أن تنسيق السياسة ربما يكون نافعاً في تقليل الانتقاد الشعبي في اتخاذ السياسة الضرورية علي المستوي المحلي.
ولكن علي النقيض, فإن الاعتراضات علي تنسيق السياسة قد ركزت علي ثلاثة عوامل أساسية مرتبطة بتنسيق المتغيرات الكلية وإدارة جانب الطلب:-
1) حجم الآثار غير المباشرة والمكاسب المحتملة من التعاون قد تكون صغيرة. علي سبيل المثال، فإن أثار الطلب الكلي علي الإنفاق الحكومي ربما يمكن تعويضها عن طريق رفع أسعار الفائدة، علي الأقل لو كان الاقتصاد قريب من التوازن.
2) تنسيق السياسة ربما يسبب مخاطر محتملة لاستقلال البنك المركزي الأوربي.
3) وهناك اعتراض عام يركز علي الاختلافات في تفضيلات السياسة الوطنية والتي تتطلب سياسات مستقلة كي تلائم الأذواق المختلفة.
إن الاعتراضين الأوليين مرتبطين بتركيبة السياسة الكفء في منطقة اليورو, بينما يركز الاعتراض الثالث علي درجة الأمثليه وعملية التحليل واعتبارات الكفاءة, وهنا لابد من الإشارة إلي أن تركيبة السياسة الكفء تعتبر شرطاً ضرورياً لحدوث استقرار المتغيرات الاقتصادية الكلية, ولكن الترتيبات السياسية المختلفة ربما من شأنها أن تخلق حوافز مختلفة للنمو الاقتصادي وتحسين جانب العرض في الاقتصاد.