fiogf49gjkf0d اولا: نظريات مسئوليات الدول المتحالفة
تؤكد تلك النظريات ان الدول المتحالفة ( بريطانيا وفرنسا بالتحديد) مسئولة عن نشوب الحرب العالمية الثانية ونجد ان هذه النظريات تختلف فى تحديد مستوى تلك المسئولية ، هل هى ناشئة عن عدم القدرة على تفهم المطالب والاستراتيجية الالمانية ، ام انها ناشئة عن الافراط فى محاولة استرضاء المانيا
1- طبقا للتفسير الاول فان المانيا كان لها هدفاً اساسياً هو تعديل شروط معاهدة فرساى وبالذات تلك التى تضمنت سلخ اقاليم المانية عن الوطن الأم ، ومن المؤكد ان دانزج هى مدينة المانية كانت تحاول المانيا استعادتها ، ولو ان فرنسا وبريطانيا تفاهمتا مع المانيا حول قضية دانزج ، لما نشبت الحرب ، لكن فرنسا وبريطانيا شجعتا بولندا على رفض المطالب الالمانية وقامتا باعلان الحرب على المانيا . وبعد تسوية القضية البولندية بالشروط الالمانية عرضت المانيا على بريطانيا وفرنسا الدخول فى مفاوضات لتسوية الاوضاع الاوروبية ولكنهما رفضتا العرض الالمانى . ومن ثم فان بريطانيا وفرنسا تعتبران مسئولتان عن نشوب واستمرار الحرب .
2- يرى جيفرى هيوز ان تفسير نشوب الحرب العالمية الثانية يكمن فى فشل بريطانيا وبالتحديد رئيس الوزراء تشامبرلين فى ردع التطلعات التوسعية الهتلرية ويكمن هذا الفشل فى طبيعة المذهب العسكرى الذى اتبعه تشامبرلين ، فقد افترض الاخير ان الخطر الاساسى على بريطانيا يكمن فى احتمال قيام المانيا بضربة جوية مفاجئة لتكسيح بريطانيا عسكريا ولذلك فقد ركز على بناء قوة جوية بريطانية تاسيساً على ان تلك القوة ستكفل ردع العدوان الالمانى ، ولكن هتلر كان يخطط لاكتساح اوروبا القارية بالمدرعات ولم يخطط لهجوم جوى على بريطانيا . وبالتالى فان الاستراتيجية البريطانية فشلت فى ردع هتلر بالعكس فقد اعطته تلك الاستراتيجية الفرصة للتوسع فى اوروبا.
3- يرجع ايضا نشوب الحرب العالمية الثانية الى سياسة الاسترضاء Appeasement Policy التى اتبعتها بريطانيا وفرنسا تجاه المانيا. يقصد بالاسترضاء محاولة كسب ود دولة معتدية حتى ولو ادى ذلك الى انتهاك القانون الدولى تفاديا لعدوانية تلك الدولة . وقد ارتبطت هذه السياسة باسم نيفيل تشامبرلين رئيس وزراء بريطانيا ، ومن ثم فانه لو ان بريطانيا وفرنسا وقفتا بصلابة ضد التوسعية الالمانية فى النمسا وتشيكوسلوفاكيا لكانت المانيا قد تراجعت عن مشروعاتها التوسعية الاخرى.
4- يرى نيومان ان الحرب العالمية الثانية ما كان يمكن ان تندلع لو ان بريطانيا وفرنسا استعملتا ميزان القوى الذى كان فى صالحهما لوقف التوسعية الالمانية فى الوقت المناسب ، فالمشكلة تكمن فى عدم تقدير بريطانيا وفرنسا لنوايا المانيا التوسعية بشكل مبكر يسمح بالمحافظة على ميزان القوى القائم.
ثانيا: نظريات المسئولية الالمانية
هذه النظريات تفسر نشوب الحرب العالمية الثانية فى ضوء التكوين الاجتماعى الالمانى . فيرى فريتز فيشر ان المانيا مسئولة عن نشوب الحرب العالمية الثانية وذلك بالنظر الى تطلعات النخب الحاكمة الالمانية لتوطيد سلطاتها من اجل تعظيم الارباح وبناء الهيمنة الالمانية على اوروبا فلم تؤد الحرب العالمية الاولى الى تغير جوهرى فى طبيعة التحالف الاجتماعى الحاكم المكون من كبار الملاك الزراعيين والصناعيين والجيش والبيروقراطية او طبيعة النظام الاقتصادى المبنى على الراسمالية التسلطية Authoritarian Capitalism ،كما ان توجهات هذا التحالف ظلت وفيه لتطلعات غليوم الثانى فى الهيمنة على اوروبا .
من ناحية ثانية فان هذا التحالف كان مصمما على تعديل النظام الاوروبى الذى انشأته تسويات الحرب العالمية الاولى، وعلى استعادة وضع المانيا كقوة كبرى. وقد سعى هذا التحالف الى تحقيق ذلك بالادوات الاقتصادية والدبلوماسية بعد الحرب وهو ما انعكس فى راى فيشر على السياسة الالمانية والتى تنحصر فى جوهرها فى استعادة وضع القوى الكبرى لالمانيا بالطريق الاقتصادى والدبلوماسى ومن ذلك محاولة تحقيق الاتحاد الجمركى مع النمسا.وباختصار يرى فيشر ان التكوين الاجتماعى التسلطى للمجتمع الالمانى مسئول عن نشوب الحرب العالمية الثانية .
. ويلقى اوفرى ايضا بالمسئولية على المانيا متمثلة فى شخص هتلر فقد كان هتلر يتبنى برنامجا سياسيا اساسه مراجعة مجمل نتائج الحرب العالمية الاولى بالنسبة لالمانيا وكلن يرى ان تحقيق هذا البرنامج لا يمكن ان يتم الا من خلال الحرب.
ثالثا: النظريات المحايدة
هذه النظريات تعتبر ان مسئولية نشوب الحرب العالمية الثانية تقع على عاتق مجموعة من التفاعلات والابنية الدولية .
فيرى صلاح العقاد ان المقدمات المباشرة للحرب العالمية الثانية ظهرت سنة 1936 حين عاد العالم الى سياسية التكتلات بظهور معسكر المحور ، كما ان نشوب الحرب ارتبط بالمجال الحيوى بالنسبة لالمانيا وبالتوازن الاوروبى بالنسبة لبريطانيا .
اما بروان فيرى ان نظام الاحلاف الدولى يعتبر مسئولا عن نشوب الحرب العالمية الثانية ذلك ان هذا النظام تميز بعدم التوازن لصالح دول المحور فلم تستطع بريطانيا وفرنسا ان تكونا نظاما للاحلاف يكفل ردع دول المحور وجينما بدات بريطانيا وفرنسا فى تكوين هذا النظام كان الوقت قد تاخر.
كذلك يقدم رياض الصمد تفسيرا بنيوياً عالمياً لنشوب الحرب العالمية الثانية يدور حول شكل النظام العالمى ونمط العلاقات بين الدول. فهو يعزو نشوب الحرب الى تسويات الحرب العالمية الاولى التى دفعت الدول المهزومة الى المطالبة بالتغيير ، كما ان التناقض لم يكن قائما فقط بين الدول المنتصرة والمهزومة ولكن ايضا بين الدول المنتصرة ذاتها. من ناحية اخرى فان الدول المنتصرة فى الحرب العالمية الاولى تساهلت مع المانيا وايطاليا لتصورها انهما سيقفان امام النظام السوفيتى خاصة بعد توقيع الميثاق المعادى للكومنترون ولتخوفها من احتمال تحولها الى الشيوعية اذا ما تم احراجها دوليا.
رابعا: اسباب اخرى لتفسير نشوب الحرب العالمية الثانية
1- نجد ان نشوب الحرب العالمية الثانية يكمن فى تسويات الحرب العالمية الاولى والتطلعات الاقليمية لدول المحور ، بالاضافى الى القيادات السياسية لتلك الدول فقد اتسمت تلك التسويات بقدر كبير من الاهانة لالمانيا مما خلق رغبة قومية عارمة لدى الالمان لتغيير النظام الذى اقامته تلك التسويات .
2- يمكن ان نلتمس تفسيراً لنشوب الحرب العالمية الثانية فى التطلعات الاقليمية التوسعية لدول المحور. فقد كانت هذه التطلعات نابعة اما من احتياجات تلك الدول للموارد الطبيعية والبشرية ( اليابان ) ، او من تطلعات قياداتها ( المانيا وايطاليا ) . وهى تطلعات تتناقض ومصالح الدول المتحالفة تناقضا جوهريا. ولم تخف دول المحور تلك التطلعات فى الميثاق الثلاثى الذى وقعته فى27 سبتمبر سنة 1940. فقد كانت اليابان تسعى لايجاد نظام جديد فى الشرق الاقصى تحت سيطرتها. كما كانت المانيا تسعى لبناء نظام جديد مشابه فى اوروبا، وكانت ايطاليا تسعى للاستفادة من التطلعات الالمانية لتحقيق اهدافها فى البحر المتوسطوشرقى افريقيا. ومما شجع دول المحور على السعى لتحقيق تلك التطلعات اتباع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى سياسة سلبية تجاه التطورات الاوروبية ، وتردد بريطانيا فى دعم فرنسا الا بعد نشوب الازمة البولندية وتحولها بعد تلك الازمة الى اعلان الحرب على المانيا. ومن ثم يمكن القول ان عدم توازن التحالفات الدولية كان احد اسباب نشوب الحرب العالمية الثانية حيث لم يكتمل التحالف الفرنسى البريطانى الا فى وقت متاخر بعد ان كان تحالف المحور قد اصبح وطيد الاركان .
3-
|