عرض كتاب إعادة إختراع وظائف وإدارة الحكومة

تاريخ الاصدار : 1996
المؤلفين / الباحثين : للأستاذ الدكتور / أحمد رشيد "رحمه الله " أستاذ ورئيس قسم الإدارة العامة سابقاً
عدد الصفحات : 130
السعر : 
الناشر : دار النهضة المصرية



إعادة إختراع وظائف وإدارة الحكومة Government Re-Inventing للأستاذ الدكتور / أحمد رشيد "رحمه الله " أستاذ ورئيس قسم الإدارة العامة سابقاً بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية والكتاب تم نشره بدار النهضة المصرية عام 1996 وتبلغ عدد صفحات الكتاب 130 صفحة منها 40 صفحة عبارة عن ملحق خاص يتحدث عن التجربة البريطانية

تمهيد:

 مفهوم إعادة الإختراع لوظائف وإدارة الحكومة هو مفهوم معاصر يعبر عن الاتجاه العالمي نحو إعادة النظر جذرياً في وظائف الحكومة المعاصرة وأساليب إدارتها، ورغم خروج المفهوم من مدارس وممارسات الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية إلا انه يعبر عن تطورات عالمية بالغة الأهمية سواء في أوروبا أوأسيا أودول العالم النامي أدت إلى ظهور مرحلة تطور جذري في توجهات الحكومات المعاصرة وأساليب إدارتها .

 أولاً - صياغة جديدة لمفهوم متداول

هناك صعوبة في ترجمة مفهوم ومصطلح Government Re-inventing  بكلمة واحدة حيث يصعب إيجاد كلمة واحدة في اللغة العربية تؤدي نفس معني المفهوم في اللغة الأجنبية وهو الأمر الذي ينطبق على مصطلحات أخري مثل Commercialization  و Re-thinking   و Re-structuring  وغيرها من المفاهيم ولتحقيق الدقة المنشودة فإنه يتم التعبير عن تلك المفاهيم بعدة كلمات تؤدي المعني المنشود  ولذلك فيمكن قول أن معني مصطلح Government Re-inventing يقصد به إعادة النظر في وظائف الحكومة والإدارة الحكومية بشكل جذري.

 وهناك تعبيرات حديثة تعطي معني مفهوم إعادة النظر في وظائف الحكومة والإدارة الحكومية مثل

 

1.     التنمية الإدارية الشاملة.

2.     الأصلاح الإداري الشامل.

3.     دولة الرفاهية

4.     إعادة الهيكلة

5.     الثورة الإدارية

6.     الأتفاق أو السياسة الجديدة

 

وهو مصطلح يتحدث عن الاصلاح الفوقي حيث يتم إجراء تغييرات واصلاحات جذرية في وظائف الحكومة فكلما كانت هناك تغييرات جذرية في السياسة العامة ونظام الحكم يستتبع ذلك تغييرات جذرية في الإدارة العامة وأساليبها وقد وجد أولا فيما رفعه الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون عام 1828 عندما تولى السلطة مع مطلع القرن التاسع عشر من شعار جديد دع الشعب يحكم أو فلنمكن الشعب من الحكم واستند على احترام الدستور والمحافظة على حقوق الدولة وتجنب الضرائب المباشرة والأقتراض العام وتسديد الدين ووحدة الأمة الأمريكية.

 

ثم جاء بعد ذلك الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن بشعار إعادة ميلاد الحرية حيث لابد من تحرير العبيد وبعد انتصاره في الحرب أعطي دوراً أكبر للحكومة الفيدرالية في إصلاح أحوال  الجنوب وإيجاد فرص عمل حقيقية وهكذا أعطيت الحكومة الفيدرالية دوراً أكبر وتضخم عددها حتى وصل 54 ألف.

واستمر الأمر بعد ذلك مع العديد من رؤساء الولايات المتحدة

وكذلك في بريطانيا في في عهد مارجريت تاتشر

والصين والتحول من الدولة المركزية إلى اللامركزية الإقتصادية

 

وهناك اسباب داخلية لإجراء تغييرات واصلاحات جذرية في وظائف الحكومة أو نتيجة ضغط خارجي.

 

-    اسباب داخلية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية حيث تحدث معظم الأصلاحات نتيجة ظهور خلل في قدرة الحكومة على القيام بالمهام المنوطة بها

 

-         نتيجة ضغط خارجي كما هو الحال في العديد من دول العالم النامي خاصة مع فترة انهيار النظام الاشتراكي

 

كذلك اختلف مفهوم اعادة اختراع الحكومة باختلاف الهدف الذي يتم السعي لتحقيقه فاحيانا كان الهدف هو زيادة قوة الحكومة كما كان الحال في الولايات المتحده في حالة تقوية الحكومة الفيدرالية وكذلك بعد الحرب العالمية الثانية تمثل في اوروبا في زيادة دور الدولة لأصلاح ما  دمرته الحرب وكذلك لانتصار الاشتراكيين وهو الأمر الذي بدأ يتغير مع السبعينات والثمانينات وبداية الدعوة لتقليص دور الحكومة واتاحة فرصه اكبر لقطاع الاعمال والتحول من القطاع العام نحو القطاع الخاص وهو الأمر الذي حدث أولا في بيطانيا لرفع الكفاءة والتخلص من عجز الميزانية وزيادة معدلات الإنجاز

وفي حالة الدول النامية فالعديد منها يعرف المفهوم ولا يعرف تطبيقه بكفاءه بسبب:

 

-         فقدان الثقة في هذه المفاهيم والادعاء انها نظرية وغير قابلة للتطبيق

-    عدم تحقق تحسن ملموس نتيجة تطبيق المفهوم كتطبيق برامج التحول نحو القطاع الخاص في كثير من دول العالم النامي

 

وبالنسبه لمصر فقبل 1952 تم استدعاء الخبير البريطاني "سنكر" لدراسة احوال الإدارة المصرية وإعادة النظر في وظائف الإدارة العامة من ناحية وظائفها وانتقد التعيين على اساس الولاء الحزبي والمركزية الشديدة التي تمارس بالخدمة المدنية وعدم الاعتماد على المعايير الموضوعية

وبعد الثورة تحول إعادة إختراع الحكومة بزيادة دورها عن طريق التأميم والتمصير والأصلاح الزراعي وإنشاء القطاع العام وفي عهد السادات حدث افساح اكبر للقطاع الخاص مع تقليص الدور الأقتصادي للحكومة  وهو ما استمر بعد ذلك في عهد الرئيس مبارك فيما يعرف ببرنامج الأصلاح الأقتصادي وعملية الخصخصة.

 

 

ثانياً - مقدمات إعادة إختراع الحكومة والإدارة

 

هناك مجموعة أحداث أدت إدت إلى إبتكار فكر جديد في الإدارة فالاستاذ ديفيد اسبورن أخرج كتاب عام 1992  بعنوان إعادة النظر في وظائف الحكومة   Government Re-inventing  وجه فيه عدة انتقادات للحكومة الأمريكية وللطريقة التي تعمل بها مثل:

-    اعتقاد المواطن بحصولة على من كل دولار يدفعه من الضرابئب على ربعه فقط والباقي يذهب مصاريف إدارية وتبديدات لا داعي لها.

-         ميزانية الدفاع تلتهم معظم بنود ميزانية الحكومة الفيدرالية

 

ويخرج اوسبورن من هذا إلى أن الحكومة والأدارة العامة بها عناصر ذات كفاءة لكنها تعمل في نظم لا تتسم بالكفاءه           فالمشكلة ليست فى الموظف بالقدر الذى تعلق فيه بالنظام الادارى الذى يعمل فى نطاقهىفهو لا يخلق الوعى بأهمية النتائج المتحققة ولا يخضع لمساءلة حقيقية وهو نظام ادارى فشل فى حل العديد من المشكلات المجتمعية المزمنة او التى يستشعرها المواطن .

 

و فى نفس الاطار بتقرير مراجعة الاداء القومى للحكومة الفيدرالية "National Performance Review (NPR)"  وقد صدر هذا التقرير الشهير فى عام 1993 وهذا التقرير اضاف ابعادا اخرى جديدة لاوضاع الادارة العامة الامريكية اهمها :

 

- النظرة قصيرة المدى لهذة الادارة

- قدر كبير من المركزية والتركيز فى اتخاذ القرارات وعدم بروز دور واضح للمستويات الادنى .

- ان المواطن المتعامل مع الادارة غير متمكن من محاسبة هذا النظام .

- ان نظام الجدارة فى اختيار الموظفين اصبح نظاما عقيما .

نفس هذة المنطلقات نجدها اذا انتقلنا الى اوروبا الغربية ففى المملكة المتحدة ظهر قصور فى اداء منشاٌت القطاع العام حيث عجزت عن تحقيق اهدافها التى قامت من اجلها مقارنة بالنتائج المتحققة فى القطاع الخاص لا سيما فى مجالات الغاز والكهرباء والنقل الخارجى والسكك الحديدية والنقل البرى ومقارنة بالنتائج المتحققة فى ذات القطاعات فى دول لم يتم تأميم هذه القطاعات فيها .

 

وفى فرنسا تتسم الحكومة المدنية بقدر كبير من المركزية الشديدة وحدثت ضغوط كثيرة للتوسع فى التفويض ونقل السلطات بحيث يتسع المجال امام المستويات الادنى للتطور والافادة من التجربة . واتجاه اخر يسير فى فرنسا لتطوير الادارة المالية بمحاولة خلق كيانات لها استقلال مالى فى وحدات الجهاز الادارى المركزى والوحدات المالية.

ان التطور الحادث فى اوروبا الغربية انما هو استجابة للتطورات الحديثة والضغط العالمى يقع للسير فى تحديث الادارة فيشجع القطاع الخاص ويعمل على تخفيف قبضة البيروقراطية وتمكين المواطنين اكثر من ابداء الرأى فى الادارة والنتائج التى تحققها وهناك مجموعة من العوامل الداخلية تدفع فى هذا الطريق يتمثل اهمها على سبيل المثال فيما يلى :

 

-         التضخم الكبير فى الاجهزة الحكومية

-         تعدد وتنوع المنظمات العامة

-         شكوى المواطن من اداء الخدمة المدنية

-         اعباء مثقلة على الميزانية العامة للدولة خاصة فى الباب الاول (اجور مرتبات)

 

ثالثاً- مصادر التفكير في إعادة الأختراع

 

أ – تخفيف اعباء الحكومة والادارة العامة باعطاء مزيد من الدور للقطاع الخاص

ب – رفع كفاءة ايصال الخدمات العامة :

      التفكير فى وسائل غير تقليدية لرفع كفاءة ايصال الخدمات العامة مثل :

-         إسناد الادارة الى شركات متخصصة

-         تكوين وحدات لها طابع الشركات المساهمة

-         تطوير الخدمات العامة التى تديرها الدولة بحيث تصبح تنافسة

-         انشاء جمعيات اهلية NEGs

ج – تمكين المواطن :

     ان يكون للمواطن المتعامل مع الادارة العامة قدر اكبر فى تسيير امورها عن طريق قياس اداء الادارة واعتباره اساسيا فى قياس عوائدها وفى تقييم اساليبها .

د – مشاركة رجال الاعمال :

    اشتراك رجال الاعمال فى رسم سياسات الوزارات والهيئات المختلفة فى الحكومة سواء كان ذلك بشكل رسمى من خلال تعيين بعضهم فى لجان وضع السياسات او بشكل استشارى عند الحاجة الى اتخاذ قرارات تتطلب وجهات نظرهم .

    ويوجد فى مصر مصادر للتفكير فى اعادة الاختراع احدهما برنامج للتحول نحو القطاع الخاص والاخر لتطوير الخدمة المدنية والثالث لتطوير المنظمات غير الحكومية NGOs .

 


رابعاً - تجارب معاصرة في إعادة الأختراع

 

تناول الأستاذ الدكتور أحمد رشيد أربع تجارب معاصرة في مجال إعادة الإختراع وهم

1-     مدخل الجودة الشاملة وعلاقته بإعادة الإختراع .

2-     دور جديد للإدارة الحكومية "إبتكارات أوسبورن ".

3-     البيروقراطية وإعادة الاختراع.

4-     التطوير الإداري وإعادة الاختراع.

 

1-    مدخل الجودة الشاملة وعلاقته بإعادة الإختراع .

 

يعد مدخل الجودة الشاملة  Total Quality من المداخل التى تتناسب ادارة اعادة الاختراع  "Re Inventing Administration"

و ذلك وفق فلسفة اعادة الاختراع

ورغم حداثة ادارة الجودة الشاملة كمدخل متكامل فانه بالامكان الحديث عن عدد من الاقترابات والنظريات القديمة التى شكلت الجوانب الاساسية لمدخل الجودة ولكن بعد اعادة توظيفها فى اطار كلى شامل وذلك على النحو التالى:

 

-    الادارة العلمية "Scientific Management" حيث تتوافق الجودة الشاملة مع دراسات فريدريك تايلور القائمة على الوقت والحركة واعطاء المهام المحددة ازمنة محددة لانجازها

-         التخطيط الاستراتيجى وهو من المفاهيم التقليدية التى عادت لتبعث من جديد

وضع استراتيجية شاملة مع دراسة الموقف باستمرار وادخال التعديلات كلما دعت الحاجة الى ذلك

-         نظريات القيادة اصبحت من النظريات التى يعتمد عليها فى ظل الجودة الشاملة بما تحمله من تراث نظرى

-         تطوير التنظيم وادخال التعديلات عليه للحفاظ على كفاءته

-         التدريب والتنمية الادارية

-         الاجتماع الادارى

-         نظم الحوافز .

 

 واذا كانت النظريات والمفاهيم السابقة قد أحيت من جديد ودبت فيها الروح على يد مدخل الجودة الشاملة فان هناك مفاهيم اخرى تراجعت وباتت فى عداد الماضى وهى :

 

-         البيروقراطية .

-         التنافس الداخلى .

-         الاستقرار الكامل للتنظيم.

-         التركيز على الاهداف.

 

كذلك يمكن التعرف على  أركان مدخل الجودة الشاملة من خلال السمات الآتية:-

 

-         ملائمة المنتج او الخدمة مع حاجات الزبائن

-         ادارة الجودة الشاملة تعبر عن مفهوم ادارى مخطط لمعرفة وفهم واشباع حاجات الزبون

-         لا تسمح بالخطأ ولا تتسامح معه

-         تعتمد على مشاركة الجميع فى حل المشاكل واتخاذ القرارات الملائمة

 

2-    دور جديد للإدارة الحكومية "إبتكارات أوسبورن ".

 

-    الحكومة الفعالة تركز على تحقيق النتائج وليس اتباع التعليات والقواعد، فالإدارة العامة  مساءلة عما تحققه من نتائج من خلال:

o       مراجعة إجراءات الميزانية لتقليل الجهد

o       اللامركزية في إدارة شئون الأفراد.

o       تبسيط إجراءات المشتريات الحكومية وتقليل الإجراءات التي تعطب الأعمال.

o       توجيه الأجهزة الرقابية لمساندة الإدارة في تطوير أساليبها بدلاً من مجرد معاقبة المخطئ.

o       توجيه المؤسسات الحكومية لتلبية حاجات الزبائن بفاعلية أكبر.

-    تقليل المستويات الرئاسية والإكثار من الوحدات الميدانية، فالإدارة العامة الفعالة تستمع أكثر للمتعاملين معها لتحقيق الرضاء العام من خلال

o       سؤال المواطنين انفسهم

o       تطوير خدمات الجمهور

o       عرض الإدارة العامة لمتغيرات السوق.

-    التركيز على العملية الإدارية ، لحسم عوائق مدخلات العملية الإدارية، عن طريق دعم الموظفين من خلال المزيد من اللامركزية وتفويض السلطة عن طريق:

o       تفويض سلطة اتخاذ القرار لمن يقوم بالتنفيذ الفعلي.

o       توزيع مسئولية تحقيق النتائج على الجميع.

o       تطوير مناخ العمل واساليب التدريب.

o       تمكين العاملين من خلال المشاركة الحقيقية ومساندة الإدارة العليا للمستويات الدنيا.

 

-         قيام الإدارة العامة بتوصيل سياسات عامة ناجحة وليس فقط توصيل السياسة العامة من خلال .

 

o       التخلص من البرامج غير المجدية.

o       تحقيق العوائد من اعمال الإدارة العامة كتحصيل الرسوم.

o       الاهتمام بالتدريب ونقل التكنولوجيا الحديثة.

o       تخفيض نكاليف التشغيل.

-    تفكير وتصميم جذري لتحقيق تحسن ضخم في المقاييس الاستراتيجية للأداء ويعتمد على البدء من الصفر وله أربعة أركان أساسية:

o       الأفراد، ماذا يفعلون وماذا يريدون تحقيقه؟.

o       نغيير ثقافة العاملين وتوجهاتهم.

o       تغيير جذري بمعني إعادة النظر وليس مجرد التطوير.

o       تغيير ضخم جدا فليس مجرد نسبة مئوية بل أضعاف.

-         ثقافة جديدة للإدارة الحكومية تتمثل في:

o       التخلص من (الاحتكارية – تقديس القواعد والاجراءات – عدم الوعي بالرضاء العام)

o       تقليل عدد وظائف الإشراف وتوسيع نطاق الأشراف.


 

3-    البيروقراطية وإعادة الاختراع:

إقتراب إعادة الاختراع يتطلب تعامل خاص مع البيروقراطية كونها وحش يحيط نفسه بدفاعات وتحصينات من اللوائح والإجراءات والمكاتب المغلقة وروتين وغياب للمساءلة الحقيقية.

وبالتالي بإسلوب إعادة الاختراع سيقع الجهاز الإداري تحت ضغط الأعلام وقطاع الأعمال والمؤسسات الدولية وأدوات التغيير ستكون القيادات السياسية الواعية والإدارة العليا مع مقاومة من الموظفين والسياسيين المستفيدين من الوضع الراهين (المنتفعين).

وسيكون الإنتقال بالكيان الإداري القائم إلى جهاز إداري يتسم بالآتي:-

o       موضع مساءلة دائمة.

o       حساس لمطالب العاملين .

o       تنظيمه متطور باستمرار.

o       معتز بما يقدمه للمجتمع.

o       له رؤية مستقبلية واضحة.

وسيكون التعامل مع المشكلات من خلال أسلوب علمي قائم على

o       تحديد مظاهر المشكلة المختلفة.

o       البحث عن الأسباب.

o       وضع الحلول العلمية.

           

4-    التطوير الإداري وإعادة الاختراع:

 

التطوير مكون أساسي للإدارة حيث أن مهام الإدارة الأساسية الثلاث هي التشغيل والصيانة والتطوير وكل المستويات الإدارية الثلاث تقوم بالمهام الثلاث ولكن مع اخلاتف أهمية كل مهمة .

فإدارة التشغيل اهتمامها الرئيسي هو التشغيل والادارة التنفيذية الصيانة والعليا مهمة التطوير.

ولأن الجهاز الإداري يعمل في بيئة تتأثر بالمتغيرات العالمية ويسعى للأخذ بمبدأ إعادة الإختراع فيحاول الحصول على مركز يتفوق في خريطة العالم المقسمة بين دول متقدمة ، ونامية، ومتخلفة.

 

فالأخذ بهذا المدخل يعني مراعاة عدد من السياسات وهي.

o       دعم القطاع الخاص.

o       المنافسة.

o       تطعيم الإدارة بالمبادئ والمفاهيم الاقتصادية والتجارية .

o       صيانة الحقوق المدنية .

o       حفظ البيئة.

 

وبتلك السياسات يمكن الأنتقال من جهاز إداري تقليدي إلى جهاز إداري قادر على تنفيذ المهام بكفاءة وفاعلية.

لكن هذا التطوير الإداري يتطلب إيجاد ثقافة إدارية جديدة يتوافر فيها:

o       الأختيار الموضوعي للإدارة العليا.

o       المساندة العلمية لنظم المعلومات الفعالة

o       المساندة العلمية من العناصر الفنية المساعدة .

o       تعبئة مؤسسات النظام السياسي.

 

 

وسائل تمويل غير تقليدية مثل:

o       نظم استرداد التكلفة

o       نظم رسوم الانتفاع

o       نظم ثنائية الحصول على الخدمة.

و ينبع التطوير الادارى وفق فكر اعادة الاختراع "Re Inventing" اما من خلال :

1 – عملية ادارية

2 – عملية سياسية

 

فمن خلال العملية الادارية يقدم المدير الادارى القيادى الذى يتسم بالتنشئة السليمة والتعليم الملائم والتدريب الفعال الى جانب الاختيار الموضوعى بأخذ المبادرة نحو التطوير ويتم ذلك فى ظل وجود نظم ادارية متطورة ومؤسسات سياسية نشطة.

اما على المستوى السياسى سيكون التغيير نابعا من اعلى وعادة ما سيأتى فى ظل مقاومة عنيفة من الادارة التى تتسم بالتقليدية والمحافظة والجمود

و فى النهاية يمكن التفريق بين التطوير الادارى الاستراتيجى والتطوير الادارى التكتيكى

ý    استراتيجيا :

                          1 – نظم المعلومات

                          2 – تعاون مع المنفذين

                          3 – تمهيد

                          4 – تدريج

 

ý    تكتيكياً :

                          إبراز الفوائد بشكل مستمر بالإضافة إلى التمتع بالمرونة في الحركة

 

و يشمل برنامج التطوير الادارى الناجح :

 

§        التنظيم    O

-    الوظيفة

-   التقسيمات الرئيسية المعاونة (Line & Auxiliary)

و البدائل

        - شبكات

        - برامج

 

§        الاساليب   M

    -  اللوائح والاجراءات

    - الزبائن الداخية والخارجية

و البدائل

         - الجودة وليس الشكل (QCS)

 

§        اماكن العمل  L     

     - تكنولوجيا تصميم اماكن العمل

     - التكلفة

          - رضاء المتعاملين

و البدائل

           - الوقت يساوى المال (JIT)

 

§        الافراد :

            - الرغبة فى العمل : حوافز

            - القدرة على العمل : تدريب

و البدائل

            - الفرد اغلى عناصر الادارة

 

خامساً- محاور مقترحة لإعادة الأختراع فى التجربة المصرية :

 

بشكل عام يتكون النظام الادارى الحديث من ثلاثة قطاعات رئيسية :

-         قطاع الادارة العامة

-         قطاع ادارة الاعمال

-         المنظمات غير الحكومية

 

و فى هذا الاطار يكون على الحكومة الاتجاه نحو تقليص الادارة العامة لصالح القطاعين الاخرين اذا ما ارادت الاخذ بتطبيقيات "Reinventing" كذلك فانه من المطلوب ان تتم ادارة قطاع الادارة العامة وفق اسلوب منضبط

-         يهدف الى : تنفيذ كفء وفعال للسياسات العامة

-         تكون غايته : وضاء المواطنين كما وكيفا عن ايصال السياسات العامة

-         يستخدم من الوسائل العلمية : نظريات الادارة بشكل عام والادارة العامة بشكل خاص

-         تكون اهم الياته : المساءلة العامة النشطة  "Active Public Accountability"

-         يستلزم : قيادة فعالة ومؤسسات سياسية نشطة واطار اجتماعى ايجابى

-    يعمل فى مجالات اساسية : وهى المهام السيادية للحكومة المعاصرة كالدفاع والامن وحفظ النظام والخدمات العامة كالمرافق الاساسية والمهام الانمائية التى يحجم عنها الافراد كالصناعات الثقيلة والنقل الجوى والمهام الاستراتيجية كالبحث والتطوير وحفظ البيئة والفضاء فى الوقت نفسه يترك الباب لقطاع ادارة الاعمال الذى يهدف الى تحقيق الربح وفق ديناميكيات السوق للعمل فى المهام الاقتصادية للمجتمع المعاصر كالصناعة والزراعة والمال والحرفيات والخدمات ذات الطبيعة الاقتصادية كالنقل والتعليم والخدمات الانمائية ذات الطبيعة الربحية كالطرق السريعة والاتصالات اللاسلكية وعدد من المهام الاستراتيجية المدعومة من الدولة كأبحاث الجامعات والمنشات الصناعية الكبرى.

 

كذلك يكون على المنظمات غير الحكومية او القطاع الثالث القيام بالمهام الحكومية ذات الطبيعة الانسانية كرعاية الفقراء والمعوقين والمهام الانمائية ذات الطبيعة الخاصة كالثقافة العامة وحفظ البيئة .

  وفى اعتقادنا ان عملية التطور الادارى بحيث تتواكب مع الاصلاح الاقتصادى يمكن ان تدور حول المحاور الاتية :

** اعادة النظر فى وظائف الجهاز الادارى :

                                                     هناك ادوار يتعين على الجهاز الادارى القيام بها وهى تلك الادوار السيادية مثل الدفاع والخارجية فان هناك ادوارا اخرى يمكن ان يشارك القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية فى تأديتها مثل التعليم والصحة والمرافق العامة .

 

و مما سبق نستطيع ان نقترح المجالات التالية بالنسبة لاعادة النظر فى وظائف الجهاز الادارى:

 

1 – اعادة النظر فى الهيكل الادارى :

                                            استخدام وتطوير نظم معلومات متطورة لدعم القرارات الاستراتيجية التى تتخذ على هذا المستوى مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الملحق برئاسة مجلس الوزراء فى مصر يمكن تعميمها على الوزارات الاخرى .

 

2 – اعادة تنظيم الاجهزة الادارية :

                                          تقليص الاجهزة الحكومية التى كانت تباشر اعمال الضبط والرقابة والتراخيص والتى تتضمن السياسات الاقتصادية الجديدة تحريرها واعمال الية السوق بشأنها ومثال ذلك الاجهزة التموينية واجهزة التراخيص الصناعية واجهزة الرقابة على تداول العملات الاجنبية كما يشمل اعادة التنظيم استخدام او تنمية اجهزة الدولة للقيام بأدوار لم تكن تباشرها الدولة من قبل او لم تكن تباشرها بشكل واف خاصة تلك المتعلقة بحماية المنافسة والرقابة على الاحتكار وضبط وحماية المعاملات فى الاسواق الاستراتيجية (القطاع المالى والمصرفى واسواق رأس المال) والرقابة على المواصفات الفنية وحماية البيئة ونشر المعلومات عن الاسواق

 

3 – تنمية القيادات الادارية :

                                  ينبغى تغيير شامل فى القيادات وتطوير فى الخبرات والمهارات التى تعتمد عليها الاجهزة التى اعيدت هيكلتها ويشمل التغيير فى هذة الادوار التحول من اسلوب الرقابة الاجرائية التفصيلية التى تعتمد على لوائح نمطية الى رقابة على مؤشرات واتجاهات السوق

 

 

 

**اعادة هيكلة اجهزة الرقابة المركزية وتطوير ادوارها :

                                                                       مثل الجهاز المركزى للمحاسبات والجهاز المركزى للتنظيم والادارة والرقابة الادارية ويتحقق ذلك بالتركيز على نتائج العمل او مؤشرات الاداء والفاعلية ومؤشرات النتائج النهائية .

                                     

** الغاء احتكار الجهاز الادارى لبعض الخدمات :

                                                           ان رفع كفاءة ادارة بعض الخدمات ذات الطبيعة الاقتصادية يؤدى بالضرورة الى زيادة  العوائد التى تحققها هذه الخدمات ومن اهم سبل تحقيق ذلك اعمال المبادئ التجارية فى ادارة الخدمات ويتضمن ذلك بداية الغاء الاحتكار فى تأدية هذه الخدمات دون التعرض لمسألة الملكية اذ يمكن استمرار الملكية العامة لهذه الخدمات مع اخضاعها لظروف الادارة التنافسية وتعتبر خدمات الاتصال السلكية واللاسلكية والكهرباء والنقل من اهم الخدمات التى  تقدم اكبر امكانية للادارة فى ظل ظروف المنافسة بسبب كثافة الطلب والسهولة النسبية لتحصيل المدفوعات والمستويات التى يمكن تحسينها لتقديم بعض هذه الخدمات

 

 

** استرداد تكلفة بعض الخدمات الحكومية :

                                                     يتناول هذا المحور اقتراح الوسائل العلمية لاسترداد جزء او كل تكلفة بعض الخدمات الحكومية التى يقبل عليها المواطنون والتى يمكن ان يساهموا بدرجة عالية فى نفقاتها بما يحقق لهم ارتفاعا فى مستوى كفاءة تقديم هذه الخدمات واشباع احتياجاتهم بدرجة كبرى

ولكن ازاء ارتفاع معدلات الزيادة السكانية وعدم كفاية الموارد المالية للدولة حدث قصور فى مستوى اداء بعض الخدمات مع ارتفاع تكلفتها مما اثقل الموازنة العامة للدولة وجعلها غير قادرة على مواجهة كل الطلبات المتزايدة

 

 

** حصول مجتمع الاعمال على احتياجاته بكفاءة :

                                                            والمقصود به رفع كفاءة حصول مجتمع الاعمال على احتياجاته من الجهاز الادارى سواء كان فى شكل الموافقات والتراخيص او فى شكل المساندة من الاجهزة الادارية لحل مشاكل مؤسسات الاعمال بحيث يتم الانجاز من خلال وقفة واحدة

و يستهدف هذا المحور تعزيز الساسات العامة الانمائية التى تتجه الى افساح مجال متزايد الاهمية لقطاع الاعمال فى التنمية الاقتصادية من خلال احداث تحول فى توجهات الادارة العمة يماثل التحول فى اتجاهات السياسات العامة

الاقتصادية ولتحقيق برنامج اصلاح ادارى ناجح فان الامر يستلزم تقييم القواعد والاجراءات التى تحكم عمل وحدات الجهاز الادارى للدولة فى تعاملها مع المستثمرين خلال المراحل المختلفة للمشروع 

 

 

**تبسيط اجراءات حصول المواطنين على بعض الخدمات :

                                                                        ان اى برنامج للتطوير الادارى لا يجب ان تنعكس نتائجه على فئات محدودة  من المواطنين بل لابد ان تنعكس اثاره على جميع فئات المجتمع مما يستلزم تبسيط اجراءات وتعامل المواطنين مع بعض الوحدات الخدمية وذلك مقابل برنامج يضع اولويات معيارها اهمية الخدمة وتكرارها وحجم المتعاملين معها بحيث يشعر المواطنون ان برنامج التطوير الادارى موجه لهم جميعا وليس للفئات المتميزة فقط .

و لتطبيق برنامج ناجح للاصلاح الادارى يتطلب شيئين مهمين :

1 – تطوير جذرى فى التوجيهات الثقافية للادارة العليا فى الخدمة المدنية

2 – توفير التمويل اللازم وهذا يعنى ان توفير موارد الاصلاح لا يتم الا من خلال الصيغ الجديدة للاصلاح ذاته وعلى سبيل المثال:

-         صيغ استرداد التكلفة

-         رسوم الانتفاع

-         النظم الثنائية.

-         الغاء الاحتكار.

 

سادساً - ملاحظات ختامية

 

مهما ابتكرنا من مداخل حديثة واحدثنا تطويرا فى هيكل التنظيم وفى مفهوم الوظيفة تظل الادارة فى النهاية هى نشاط انسانى يعبر عنه فى سلوكيات تعبر عن قيم معينة ولعل هذا هو السبب الرئيسى فى تعثر محاولات ادخال النظم الحديثة فى الدول النامية حيث تسود بها ثقافات غير متقبلة للسلوك الادارى الصحيح والثقافة تختلف عن العوامل المادية وتعكس ثقافة المجتمع مجموعة كبيرة من التراكمات بعضها مادى ولكن معظمها غير مادى وتعكس مجموعة من القيم تمثل نظرة هذا المجتمع الى الامور وتقييمه للاشياء وبناء على تلك النظرة وذلك التقييم يكون السلوك تجاه هذا الشئ او ذاك الامر.

 

و تعانى الدول النامية وجود فجوة متزايدة فى التطور بجانبيه المادى والبشرى فالاول قد يكون سريعا بحيث لا يلحق به الآخر  - البشرى – ففى كثير من الوحدات الادارية والتنظيمية فى الدول النامية نجد هناك استخداما لنظم حديثة فى الهيئات والشركات والبنوك وغيرها لكن هناك بطء فى انشاء العقلية او انشاء القيم التى تخلق سلوكا اداريا ملائما لتشغيل مثل هذه النظم الحديثة ، وعلى هذا فالمشكلة الحقيقية التى تعانيها الدول النامية تتمثل فى الاهتمام بالشكل لا المضمون بالمبانى لا المعانى فالمضمون او الجوهر بالنسبة لنا "مغترب" عنا ثقافيا فنحن لن نقبله كنظام قيم "Set of values" ولا نقبله كجزء من تفكيرنا وينعكس ذلك على الثقافة الادارية بسلبيات كثيرة تواجه الادارة مثل نقص الاخذ بالتفويض وعدم الايمان بروح الفريق وعدم المساءلة وغير ذلك.

 

فلقد اشار العلماء حتى فى المجتمعات الغربية الى اهمية ما يعرف بالتنظيم غير الرسمى داخل هيئة التنظيم وتأثيره على التنظيم الفعلى وهو ناتج تفاعل التنظيم الرسمى والتنظيم غير الرسمى حيث لا يتطابق الفعلى مع الرسمى تماما .

 

كذلك فمفهوم المشاركة فى الدول النامية يختلف عن الغرب فالمفهوم يدور حول الشكل لا المضمون اما فى المجتمع الغربى المشاركة تعنى التمكين وليس فقط اناسا يجلسون معا للتناقش والتحاور بدون معنى وفى نظريات القيادة ونظرية الاب الروحى والذى يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة بشكل كامل هذا المفهوم او هذا النمط هو الذى يسود فى الدول النامية فهناك تقديس للقيادات مما يؤدى الى العديد من المظاهر الادارية السلبية كعدم وجود صف ثان وعدم تدريب المرؤوسين وقتل العمل الجماعى وروح الفريق فكل هذا يتعارض مع المدخل الادارى السوى.

 

الدول النامية تركز ثقافيا على الكم لا على الكيف وتعانى مركزية شديدة وايضا هناك القيمة الاجتماعية المرتبطة بتبرير الاخطاء.

ماذا تفعل ؟

هناك اسلوبين لمعالجة هذا الوضع

 الاول على المستوى الجزئى "Micro"

 الثانى على المستوى الكلى "Macro"

العلاج الجزئى "Micro"  يتمثل فى مدخلين :

 

الاول : الاسراع بالتغيير الثقافى وتجنب سلبياته

الثانى : الاستثمار البشرى

العلاج الكلى"Macro"  يتم من خلال ثلاثة مداخل :

 

الاول : تقليل التدخل الحكومى فى الاقتصاد القومى بقدر الامكان

الثانى : تشجيع المنظمات غير الحكومية NGOs

الثالث : الديمقراطية

 

سابعاً: الرأي الشخصي للطالب:

 

تميز كتاب إعادة إختراع دور وإدارة الحكومة للاستاذ الدكتور أحمد رشيد باحتوائه على غزارة في المعلومات وسهولة العرض فيما يخص شرح الموضوعات التي يحتويها الكتاب خاصة مع وجود بعض الاشكال التوضيحية للموضوعات محل الشرح ولكن هناك بعض النقاط الرئيسية التي يمكن الحديث عنها مثل:-

 

1-  الحديث في أول الكتاب عن صعوبة ترجمة المفاهيم من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية وهو ما أوضحه الاستاذ الدكتور / عطيه حسين أفندي في المحاضرة من أن اللغة العربية غنية ويمكن الحصول على أكثر من مرادف لنفس المفهوم وليس معني واحد فقط.

 

2-  كذلك من خلال محاضرة الاستاذ الدكتور / عطيه حسين أفندي تبين أن المعني المعاصر لمفهوم إعادة إختراع الحكومة مرتبط بشكل أساسي بكتاب الاستاذ ديفيد اسبورن الذي أخرجه عام 1992  بعنوان إعادة النظر في وظائف الحكومة   Government  Re-inventing وجه فيه عدة انتقادات للحكومة الأمريكية وقام بيل كلينتون بتكليف أل جور نائب الرئيس بتحويل هذا الكتاب إلى برنامج عمل قابل للتنفيذ وهو ما يختلف عن الطرح الذي عرضه الاستاذ الدكتور / أحمد رشيد رحمه الله حيث تناول الكتاب مفهوم اختراع الحكومة عند اسبورن كجزء من مفهوم إعادة اختراع الحكومة بالإضافة إلى أجزاء أخري كمفهوم الجودة الشاملة والتطوير الإداري والبيروقراطية .

 

3-  يمكن اعتبار هذا الكتاب كوسيلة لتوضيح التطورات المعاصرة في مفهوم تطوير الحكومة والعمل الإداري العام أكثر منه حديث عن مفهوم "إعادة اختراع الحكومة".