الجمعة,29 يوليه 2011 - 09:27 م
: 3344
كتب كفاح محمود كريم
kmkinfo@gmail.com

للفساد أوجه كثيرة؟ ( من المصلحة الوطنية العليا ان يناقش البرلمان هذه الأوجه قبل ان يستجوب رئيسا أو وزيرا أو مسؤولا، ويعمل على تشريع قوانين وضوابط للحفاظ على الثروات الوطنية ( الماء والغذاء والطاقة ) من الاستهلاك العبثي بحجة حرية التصرف بالمال الخاص.)



edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d

كفاح محمود كريم

  نتحدث جميعا عن ظاهرة الفساد المستشري في مفاصل الدولة ومؤسساتها سواء في الإدارة او المالية، وما يتعلق بالخدمات ذات الأهمية البالغة للمواطن كفرد او كمجتمع، وننسى اوجها اخرى لهذه الظاهرة ربما تكون اكثر خطورة وتأثيرا على مستقبل البلاد وتطورها، وهي ترتبط تماما بسلوك المواطن الفرد والاسرة وبعلاقتهما بالمال العام والثروة الوطنية، وكيفية استخدامهما والتعاطي معهما.


     منذ الطفولة ورثت الأجيال عادات وسلوكيات لا علاقة لها البتة بالمواطنة الصالحة وحب الوطن وماله وما فيه وما عليه، منذ كنا نحفر أسمائنا على مقاعد الدراسة الخشبية ( الرحلات ) وحتى عمليات التبذير الرهيبة في استخدام الطاقة سواء في الماء أو الكهرباء او الغذاء، ولعلنا نتذكر وما زلنا جميعا تلك الكميات الكبيرة من الغذاء التي ترمى الى النفايات يوميا من البيوت والمطاعم وعلى جميع المستويات والطبقات، ويعرف الجميع كيف يتعامل المجتمع والإدارة في الدول المتقدمة مع هكذا ظواهر وحتى على مستوى الفرد، حينما يطلب وجبة غذاء تزيد كثيرا عن حاجته فتصبح فضلات، حيث تعاقب القوانين المرعية هناك تصرفا كهذا تحت طائلة انك حر في أموالك لكنك لست حرا في العبث بالثروة الوطنية!؟ 


    ودعونا نتذكر موائدنا في البيوت او في المطاعم وبالذات في العزائم والمباهاة والنفاق الاجتماعي الذي يكلف دولتنا ومجتمعاتنا الكثير مما تنتجه أو تستورده من غذاء، وفي ذات السياق هل سألنا أنفسنا كيف نستخدم الأدوية وبالذات تلك التي تصرف مجانا في المؤسسات الحكومية، وهل هي فعلا ضمن سياقات اخذ وتعاطي الأدوية، وهل استخدمنا أجهزة الاتصالات وفق معايير الاستخدام المتحضر وبالذات في أجهزة التخابر؟


    لا اعتقد انه هناك فردا واحدا في بلادنا لا يشاهد يوميا امرأة او رجلا أو طفلا بيده أنبوب الماء وهو يرش ويغسل امام بيته او سيارته او يتمتع بتلك العملية لوقت طويل دافعا آلاف الالتار من تلك المياه النقية الى السواقي الآسنة او المجاري وهو يعبث بواحدة من أهم واخطر ثرواتنا الطبيعية المهددة فعلا بالنضوب والانحسار!؟


   وإزاء ذلك؛ كم منا فكر ولو لدقائق بوضع الكهرباء في البلاد قبل ان يحمل مسؤولية كل الأمور للدولة وهي تتحمل جزءً مهما من المشكلة فعلا، ولكن علينا ان نرى كل أوجه الحقيقة ومن يشارك الدولة في المسؤولية او حتى الفساد في مستويات التخريب او الاختلاس او السرقة؟


   ماذا يعني هذا الاستهلاك الجنوني للطاقة في كل البيوت دون استثناء، وفي الأسواق والعمارات والشركات بما في ذلك اولئك الذين يستهلكون تلك الكميات على حسابهم الخاص او من إنتاجهم، وهم بالتالي يخضعون لذات المعايير في الاستهلاك العبثي للأكل وما يترتب عليه من اندثار كبير للمال العام والثروة الوطنية.


    لقد حدثني مدير إنتاج الكهرباء في إحدى المحافظات التي لا يزيد عدد نفوسها عن مليون نسمة، والتي نجحت في تغطية عشرين ساعة يوميا من الطاقة فقال:

 

    إننا ننتج ما يغطي 20 ساعة يوميا من مجموعه 24 ساعة، وتبقى الساعات الاربعة الأخرى تغطيها المولدات الأهلية، وحينما سألته عن تكلفة تلك الساعات العشرين التي تدفعها الحكومة على شكل وقود او أموال لشركات أهلية تنتج الكهرباء، قال:


     إن الحكومة تدفع شهريا ما يقرب من 110 مليون دولار قيمة هذه الساعات من الكهرباء بأسعار لا تكاد تذكر، أي ما مجموعه مليار وثلاثمائة وعشرون مليون دولار سنويا لمحافظة واحدة، والأجور المستقطعة من المواطن أدنى بكثير جدا من مستوياتها في اوربا او امريكا او حتى بلدان الشرق الأوسط، علما بأن ما يقرب من نصف الكمية المستهلكة من قبل المواطن تقع تحت حقل التبذير غير النافع والمضر، بمعني إن نصف المبلغ المذكور يذهب حرقا كوقود او أموالا دون أي جدوى!؟


    صحيح ان للحكومة مسؤولية كبيرة في ظاهرة الفساد وهي تتحمل وزر الكثير من ذلك، لكن علينا ايضا ان نعرف من هم شركائها في الفساد وإدامته، ولعل ما ذكرته هنا يمثل أوجها قبيحة للفساد المستشري، ليس في مفاصل الدولة فحسب وإنما في سلوك وتصرفات الفرد والأسرة والمجتمع، وإذا كنا فعلا نريد كشف الفساد وفضحه ومحاسبة رموزه ومن ثم القضاء عليه فمن باب أولى أن نبدأ بأنفسنا ومن اسرنا ومجتمعاتنا ابتداء من الغذاء الذي يذهب ربعه او نصفه احيانا الى النفايات وانتهاء بالاستهلاك العبثي المريب للماء والكهرباء والوقود والاتصالات وما يتبع ذلك من تلويث وتدمير للبيئة والطبيعة!؟ 


    ويبدو لي انه من المصلحة الوطنية العليا ان يناقش البرلمان هذه الأوجه قبل ان يستجوب رئيسا أو وزيرا أو مسؤولا، ويعمل على تشريع قوانين وضوابط للحفاظ على الثروات الوطنية ( الماء والغذاء والطاقة ) من الاستهلاك العبثي بحجة حرية التصرف بالمال الخاص.


kmkinfo@gmail.com

 



اقرأ ايضآ

احلام الطفولة
بواسطة abdelghanyelhayes
الخميس,28 نوفمبر 2013 - 03:46 ص
إقرا المزيد
لكل زمن دولة ورجال
بواسطة khmosleh
السبت,22 أكتوبر 2011 - 05:00 ص
إقرا المزيد
الزفة ضد الأخوان
بواسطة أبومؤيد
السبت,1 ديسمبر 2012 - 03:49 ص
إقرا المزيد
انا الرئيس انا الرئيس
بواسطة abdelghanyelhayes
الجمعة,22 مارس 2013 - 12:26 م
إقرا المزيد
المجد للمصريين
بواسطة abdelghanyelhayes
الثلاثاء,6 نوفمبر 2012 - 03:50 ص
إقرا المزيد
السياسة والديمقراطية السياسة والديمقراطية
بواسطة أبومؤيد
السبت,1 ديسمبر 2012 - 03:44 ص
إقرا المزيد
الديمقراطية...وبلوغ سن الرشد
بواسطة وليدالجنابي
الثلاثاء,10 يناير 2012 - 01:46 ص
إقرا المزيد
نصرة سوريا وحرق مصر
بواسطة abdelghanyelhayes
السبت,15 يونيو 2013 - 01:36 م
إقرا المزيد

التعليقات

الآراء الواردة تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع




الأكثر قراءة

عقوبات التزوير في القانون المصري - عدد القراءات : 80587


الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد القراءات : 68869


تعريف الحكومة وانواعها - عدد القراءات : 56317


النظام السـياسي الفرنسي - عدد القراءات : 53343


طبيعة النظام السياسي البريطاني - عدد القراءات : 51730


مفهوم المرحلة الانتقالية - عدد القراءات : 49617


معنى اليسار و اليمين بالسياسة - عدد القراءات : 46557


مفهوم العمران لابن خلدون - عدد القراءات : 46245


ما هى البورصة ؟ و كيف تعمل؟ وكيف تؤثر على الاقتصاد؟ - عدد القراءات : 44825


منظمة الفرانكفونية(مجموعة الدول الناطقة بالفرنسية) - عدد القراءات : 44339


الاكثر تعليقا

هيئة الرقابة الإدارية - عدد التعليقات - 38


اللقاء العربي الاوروبي بتونس من أجل تعزيز السلام وحقوق الإنسان - عدد التعليقات - 13


ابو العز الحريرى - عدد التعليقات - 10


الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد التعليقات - 9


لا لنشر خريطة مصر الخاطئة او التفريط في شبر من أراضيها - عدد التعليقات - 7


الجهاز المركزي للمحاسبات - عدد التعليقات - 6


تعريف الحكومة وانواعها - عدد التعليقات - 5


الليبرالية - عدد التعليقات - 4


محمد حسين طنطاوي - عدد التعليقات - 4


أنواع المتاحف: - عدد التعليقات - 4


استطلاع الرأى