الأحد,31 يوليه 2011 - 04:47 ص
: 2944
كتب محمد خليل مصلح
khmosleh@hotmail.com
يبدو أن صانعوا السياسة الإسرائيلية ؛ خاصة في حكومة اليمين الصهيونية ؛ فهي تعيد تقييم تجربتها ؛ حول تكتيك وكيفية معالجة الأزمات التي واجهتا تلك الحكومة في الآونة الأخيرة ؛ هناك أربع ملفات تشكل مركب عقدة السياسة اليمينية الإسرائيلية اليوم في المنطقة بأبعادها الإقليمية والدولية
edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d
ملفين قبل الثورة العربية الحديثة وملفين بعدها ؛ الملفين القديمين وبسحب الترتيب الزمني الصراع العربي الفلسطيني – العبري الصهيوني والملف الثاني ؛ ملف إيران النووي ، والملفين الآخرين ؛ الأزمة مع تركيا التي تتفاعل في غير مصلحة إسرائيل ، ونجاح الدبلوماسية التركية في توظيفه لإعادة صياغة شرق أوسط جديد تلعب تركيا فيه دورا محوريا ؛ تركيا تحاول أن تعطل الفاعلية الإسرائيلية فيما ما يتعلق بجزئية الدور الإسرائيلي في تنفيذ السياسات الاستعمارية الأوروبية الأمريكية في الشرق الأوسط ، والملف الأخير في الأربعة ؛ المتعلق بمستقبل السلام مع مصر ومصير الاتفاقيات الأمنية التي شكلت عمودا من أعمدة النظرية الأمنية الإسرائيلي في إدارة الصراع العربي – الإسرائيلي .
من الاستخفاف بالعقول أن تحمل حادثة مرمرة خلفية التحول التركي في السياسة الشرق الأوسطية ؛ ومن الغباء تجاهل طموح السياسة التركية في التوظيف الداخلي والإقليمي والدولي – دون التشكيك في الجانب الأخلاقي للسياسة التركية ذات البعد الإسلامي - السياسة التركية تعتمد سياسة تعقيد الملفات أمام السياسة الإسرائيلية لإنهاكها ؛ حتى تتوصل إلى نتائج مرضية للطموح التركي ، وهذا ما أشار إليه بوغي يعالون الملف الاستراتيجي ؛ من حق دول المنطقة المؤثرة القديمة والحديثة أن تعيد هيكلة استراتيجياتها لإدارة أزمات المنطقة بحسب أولوياتها ؛ العجز العربي ليس مبرر لاتهام تركيا أو إيران بالتدخل في شؤون المنطقة ؛ عقدة العرب السياسية ذات الجذور العميقة التي فشلت في تحرير أرادتها من الاستعمار القديم ؛ عجزت عن حماية مصالحها القومية ؛ ما انعكس على دورها الإقليمي تحت عوامل التفتت الجغرافي والنزاع السياسي وتضارب المصالح تحت دوافع المصلحة الاثنية العرقية ( الهويات المتعددة ) .
حتى نفهم آليات السياسة الإسرائيلية في إدارة أزماتها أمام مركب العقد السياسية في المنطقة ، يجب أن نشخص وبدقة جزئية مهمة جدا هي الثابت في الرؤية الإسرائيلية للوجود الإسرائيلي وادعاء الحق اليهودي ، والثابت أيضا في القضايا الكلية في الصرع العاصمة القدس المسالة الديموغرافية وعودة اللاجئين الفلسطينيين وعن حق الأرض والملكية ؛ هل هناك تغيير في جوهر الإستراتيجية الإسرائيلية والسياسات الكلية ام مجرد تغيير في التكتيك ؟
التجربة والخطأ في السياسة الإسرائيلية
يبدو أن لهذا المفهوم أهمية في إعادة هيكلة سياسات إسرائيل ، والنظر في مفرداتها وأدواتها في إطار تكتيك فكفكة العقدة ؛ عقدة بعد عقدة بعد أن عجزت إسرائيل بصلفها معالجتها دفعة واحدة ؛ بمساعدة الإدارة الأمريكية والسياسات الأوروبية الداعمة لإسرائيل في المنطقة ، والمتأثرة بروح الاستعمار القديم ؛ هذا الصلف والعجرفة التي حاول ليبرمان ونائبه بدعم نتنياهو الخفي لمثل هذه السياسة لم تكلل بالنجاح والتي عكسها في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي ؛ سياسة الاستعلاء في محيط الشرق الأوسط ، وعدم الاستجابة لمتطلبات البيئة الإستراتيجية المتغيرة في الشرق الأوسط( مركب عقد الشرق الأوسط ) .
تركيا النموذج المتغير والسياسة الطرية الناعمة في المنطقة
تركيا تنأى بنفسها عن سياسة الدولة الإيرانية الخشنة ولكل ظروفه وفهمه خلفياته التاريخية ومكوناته النفسية في صياغة وصيانة مصالحها في المنطقة وإدارة صراعها مع الاستعمار وذيوله في المنطقة - للظروف الداخلية وطبيعة النظام الاتاتوركي ؛ الذي ابتعد في عداوته للتاريخ المشترك في المنطقة ، ما زال هذا الإرث يثقل على الأتراك التغيير الحاد في السياسات وملف إعادة التحالفات في المنطقة على اعتبار استسلام تركيا واعترافها بإسرائيل عضوا في تكتل المنطقة السياسي جزء من الخطاب لدخول تركيا النادي الأوروبي .
الائتلاف اليميني الإسرائيلي في لحظة إدراك في غاية الدقة للمأزق الإسرائيلي لخصها ليبرمان في قراره عدم الانسحاب من الحكومة ليبرمان انه لن ينسحب من الحكومة الائتلافية إذا قررت الاعتذار لتركيا عن قتل تسعة أتراك كانوا على متن سفينة نشطاء مؤيدين للفلسطينيين العام الماضي.
ليبرمان يعكس درجة التفاعل مع الملف التركي وسياسة حل العقد السياسة التي خارجيته صنعت الجانب السيئ في تاريخ الدولة العبرية " يديعوت" عن براك قوله إن إسرائيل مستعدة لتقديم الاعتذار عن بعض الأخطاء من طرفها خلال الهجوم على سفينة ما في مرمرة، لكنها لن تقدم اعتذاراً عن عمليتها ضد أسطول الحرية أو عن الحصار على قطاع غزة.
الإدارة الأمريكية تدفع نتنياهو في هذا الاتجاه وهي تخدم نفسها أيضا في معالجة الملف التركي كلينتون أبلغت براك أن الإدارة الأميركية ترى أهمية كبرى في "المصالحة" بين إسرائيل وتركيا. ونقلت الصحيفة إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، مايكل مولن، صرح للصحافيين بعد زيارته لإسرائيل الأسبوع الماضي، أن لديه انطباعات جيدة بأن العلاقات بين إسرائيل وتركيا لن تتضرر لأنها "ضرورية لاستقرار المنطقة".
حكومة نبحث عن مدخل لتلك السياسة في فكفكة العقدة التركية برسائل تبدوا متعارضة بين اركان الحكومة ( المغازلة والتمنع ) المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فينشتاين " بضرورة الاعتذار من تركيا لتجنب مواجهة الجنود الإسرائيليين لدعاوى بسبب مجزرة سفينة مرمرة. ولكن نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية موشيه يعلون يرفض الاعتذار ويؤكد أنه لا يتوقع اتفاقاً للمصالحة مع تركيا بسبب مواقف أنقرة" .
البحث في الصيغ جزء من تلك السياسة المستشار القضائي فينشتاين يرى أن " الصيغة الحالية لتقرير لجنة التحقيق الدولية في أحداث سفينة مرمرة بوسعها أن تعرض الجنود الإسرائيليين لدعاوى جنائية في العالم. وبناء على ذلك أوصى فينشتاين بالتوصل إلى تفاهمات مع الأتراك حتى لو شملت الاعتذار الإسرائيلي الموضعي عن قسم من الأحداث.. شرط أن يتعهد الجانب التركي بعدم تقديم دعاوى جنائية ضد الجنود الإسرائيليين ممن شاركوا في السيطرة على مرمرة ، فإن على إسرائيل التعامل إيجاباً مع الاعتذار على أخطاء عملانية وفي استخدام القوة . والحديث يدور عن اعتذار عمومي فقط لا يسري على إيقاف السفينة أو على فرض الحصار على غزة.
قاسم مشترك يظهر على السطح وجود اتصالات سرية بين إسرائيل وتركيا لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها بين أنقرة وتل أبيب على كل الأصعدة من جهة واتصالات سرية بين عريقات و " بيرس " من جهة أخرى القاسم المشترك في السياسة الإسرائيلية في المعالجة يبدو جليا ؛ ما يفسر اختيار عباس الساحة التركية للاجتماع باركان معركته الدبلوماسية مع إسرائيل ؛ ما يفهم منه أن لتركيا دور في إدارة المعركة في الساحة الدولية ضد إسرائيل ؛ ما يفسر حتى هذه اللحظة فشل سياسة إسرائيل في فكفكة العقد وتصغيرها ليسهل حلها وتصاعد " حرب نفسية تصل من أنقرة وتل أبيب على حد سواء ".
السياسة التركية تعي أن من مصلحتها عدم الاستجابة للمطلب الإسرائيلي في البعد الزمني والتاريخي للحدث ولهذه الحكومة ؛ خاصة فيما يتعلق بإسقاط مطلب رفع الحصار عن غزة أو دعم الفلسطينيين في معركتهم السياسية في الأمم المتحدة ، ولا فيما يتعلق بالملف السوري ، والتوقعات الإسرائيلية بخصوص الأزمة السورية . هناك مسألة مهمة جدا تخص أصحاب مركب الأزمات الإسرائيلية والأمريكية في آن واحد ؛ إيران ومصر لنا فيها حديث ملحق ومعمق لأهميته في تحديد خارطة المنطقة أو وضع حد للصراع .