الأحد,4 مارس 2012 - 06:02 ص
: 2118
كتب يسري المغربي
yousry0000@yahoo.com

نظرة في الحفاظ  على ثروة  مصر  العقارية في الفترة اللاحقة لزلزال عام 1992 تزايدت حالات انهيار العقارات , وظهرت إشكالية قرارات التنكيس أو الإزالة في شان عدم تنفيذها . ولا شك في أن ذلك قد لفت الانتباه إلى خطورة داهمة على سلامة وحياة المواطنين , وتهديد ثروة مصر العقارية , سيما وأن الأمر بدا كظاهرة عامة تعانى منها سائر الجمهورية , مما يحتم إعداد الدراسات الفنية والقانونية والاجتماعية بالتدخل العاجل بمختلف الوسائل العلمية الحديثة لحماية أرواح المواطنين والحفاظ على سلامتهم .



edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d

ومن إحصائيات  عام  2002, فقد  بلغ إجمالي  قرارات  الهدم  في مصر  111875  قرارا   نفذ   منها   69648 قرارا بنسبة 62% وبقى 38% من القرارات  لم ينفذ ,وأما بالنسبة لإجمالي   قرارات  الترميم  بمصر  98390   قرارا   نفذ   منها  39097  قرارا بنسبة 40% وتبقى منها 60% لم ينفذ   .( من إحصائيات مجلس  الشعب )  

وهو الأمر الذي يشير إلى تزايد  حجم  مشكلة انهيار العقارات على مستوى الجمهورية  .

 الثقافة السائدة لدى المجتمع في مجال الإنشاءات العقارية .

 لعل ثقافة الإنشاءات العقارية في مصر وفقا للمفاهيم الحالية تكون حديثة نوعا ما , ويرجع ذلك في اغلب الظن إلى وطأة الزيادة السكانية الرهيبة و الظروف الاقتصادية الصعبة  في العقود الأخيرة .

 

وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للاجتهادات الشخصية والجهود العشوائية في ذلك المجال خاصة وان الأمر قد اقتصر في تنظيمه القانوني على الجانب الشكلي باستلزام الحصول على ترخيص بالبناء أو الهدم دون التطرق إلى كيف يتم البناء وكيف يتم ذلك الهدم , أو بمعنى آخر لم يعنى النظام القانوني بمتابعات التنفيذ  للتحقق من مطابقته للصورة التي صدر عليها الترخيص وفقا لأصول الصناعة   المرعية .

 هذا على الجانب الفني , أما بالنسبة للجانب الاجتماعي فقد نمت ثقافة بالغة الغرابة  لدى العديد من رؤوس الأموال تتــــمثل في إســــــناد الإشــراف على الأعمال الإنشائية المشار إليها إلى طوائف حرفية لم تتلق أقساط كافية من التعليم والاعتماد عليهم كليا في تلك المهام .

والأغرب من ذلك هو إجزال العطاء إليهم رغم عدم تأهيلهم بأي مؤهلات علمية مؤسسية معتمدة وفى المقابل بخس حقوق المهندسين المجازين علميا والمؤهلين .

ويمكن أن يرجع  ذلك في نظرنا إلى :-

 

·        سابق الخبرة الحرفية لتلك الطوائف العمالية وتطور أعمالهم من عمال بناء إلى ملاحظين عمال إلى مقاولين .

·     قدرة العديد منهم على إقناع رؤوس الأموال بإتمام تنفيذ المشروع بأقل تكلفة مالية على حساب أصول الصناعة وضوابطها المرعية .

·        قدرتهم أيضا على تنفيذ المشروعات في اقل مدة زمنية على حساب مخالفة الأصول الفنية لتوقيتات التنفيذ .

·        استعانتهم بالعمالة الغير مدربة والغير مؤهلة في تنفيذ تلك الأعمال لخفض التكلفة .

·        تلبيتهم للطلبات الغير مشروعة من بعض رؤوس الأموال بالنسبة لأعمال البناء أو الهدم  ( بدون ترخيص ) .

   ثانيا :

النظام الاشرافى الحالي ( مهندسي الأحياء ) .

 

لقد أثبتت التجربة خلال عقود من السنين على أن الجهاز الفني العامل لدى الأحياء  أصبح عاجزاً عن مواكبة الإشراف الجيد على المشروعات  لعدة أسباب منها :

·        المشاريع الاستثمارية بقيمها المالية الكبيرة أصبحت مرتعاً لعمليات فساد يقودها أصحاب النفوذ في هذه الإدارات .

·        نزوح المهندسين والفنيين القدامى ذوي الخبرات الجيدة نسبياً بسبب الروتين الإداري والفساد الوظيفي .

·     وجود مهندسين بأعمار هندسية صغيرة لم تجد من يمسك بيدها ليعلمها أصول وقواعد الإشراف الفني، وكذلك ضعف الرواتب في تحمل مسؤوليات كبيرة .

 

ثالثا :

حتمية تعديل النظام تحصيل نسبة  مقابل إشراف على التنفيذ عن كافة طلبات الرخص بالبناء الجديد أو التعديلات  نظير قيام الجهة الإدارية المختصة نفسها  بالإشراف والرقابة علي تنفيذ  سائر المشروعات .

 وهذه النسبة يجب أن  توجه إلى الاستعانة بالمهندسين  النقابيين الذين يسجلون في الأحياء في هذا الغرض  للتكليف بالإشراف على التنفيذ طبقا لحجم كل مشروع ومكوناته والقيام  بهذه المهمة مع تقاضي رواتبهم من الدولة وفقا لنسبة الإشراف المحصلة لتحمل المسؤوليات الفنية وفق منظومة عمل لجهاز الإشراف توازي وتواكب العمل المتطور .

إن رصد تلك النسبة لحساب الإشراف على تلك المشروعات لسائر أنواعها  وبنسبة من العقد سيحقق في نظرنا فوائد ومزايا متعددة منها :-

·        مطابقة التنفيذ :

-         للتصميم الإنشائي للمنشأة .

-         و تلبيته للتصميم المعماري لاشتراطات البناء بالمنطقة .

-      و مطابقة التنفيذ أيضا  للوحات الإنشائية والمعمارية وطبقا لأصول الصناعة و الأكواد والمواصفات المعمول بها ومراقبة الجودة علي مواد البناء .

·   دراسة المخططات والشروط والمواصفات لاستيعاب أعمال المشروعات .

·     اعتماد البرامج الزمنية الموضوعة من قبل الطالبين أو تعديلها أو تنقيحها .

·        التقيد بالإشراف عن طريق عمل التجارب اللازمة وتوثيقها .

·        مراقبة حسن تنفيذ الأعمال .

·        رصد التعديلات على البرنامج الزمني حين وجود خلل أو تقصير أو إسراع بالتنفيذ .

·        رفع المستوى المعيشي والاجتماعي لمهندسي الأحياء وأعوانهم .

 

 

رابعا :

مشكلات الصيانة العقارية وإمكان القيام بها ضمن أعمال نسبة الإشراف  :

 

ويقود مقترح نسبة الإشراف المشار إليها وفقا للغايات المرجوة منها بالنسبة للحفاظ على الثروة العقارية وحماية الأموال والأرواح من جهة و تغيير ثقافات المجتمع بشان الوضع الاجتماعي للمهندسين وأعوانهم من جهة أخرى .

يقود ذلك إلى ضرورة بلورة مشكلة الصيانة العقارية والآثار المترتبة على عدم القيام بها كسبب لا بأس به في حدوث العديد من الانهيارات المشار إليها .

كما يقود ذلك إلى وجوب القيام بتلك الصيانة تحت إشراف المهندسين النقابيين في مقابل النسبة المشار إليها باعتبارها احد الأعمال الفنية التي لها ما ينظمها من أصول الصناعة المرعية .

حيث تعتبر الصيانة  (الوقائية و العلاجية ) لعنصر الثالث الأساسي بعد التصميم والتنفيذ بالنسبة  لأي منشأ   , وبحسبان تلك الصيانة هي العنصر الرئيسي الذي يكفل الحفاظ على ذلك المنشأ  مع مرور  الزمن والضامن لبقائه سليما متماسكا طوال فترة عمره الافتراضي .

  إن  الصيانة  للمنشآت المقامة بمختلف أنواعها لم تحظ بعد بالاهتمام التشريعي الكافي في القوانين المنظمة لأعمال البناء ،بل  كادت تغيب تماما بدءا بالقانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 الخاص بتوجيه وتنظيم أعمال البناء والقوانين المرتبطة به  وانتهاء بالقانون المدني  وقانون العقوبات ، بعيدا عن مفاهيم الصيانة ،  والحفاظ على ثروة مصر العقارية ، وحماية الأرواح ، وعدم وضع  صيانة المباني السكنية في الاعتبار إلا نتيجة خطر داهم أخذا بنظام ردود الأفعال.

   يوجد افتقار تام إلى قانون شامل لصيانة المباني السكنية في مصر يتلاشى  كافة السلبيات الموجودة في القوانين المصرية المنظمة للبناء التي أدت إلى كوارث الانهيارات والضحايا وإهدار للثروة العقارية.

لذلك يتعين إعداد إستراتيجية لصيانة المباني والمنشآت على المستوى القومي مع  رسم السياسات للحفاظ على الثروة العقارية في مصر , وتوفير السلامة والأمان  لساكنيها وكذا تكوين     رؤية ممتدة بدءا من التصميم الإنشائي للمبنى إلى تنفيذه , كشهادة ميلاد للمبنى يرافقها شهادة للصيانة  يتحدد فيها العمر الافتراضي والصيانة اللازمة وتوقيتاتها في سنواته المقدرة وأيضا إدخال ثقافة الصيانة فرديا ومجتمعيا وتنميتها  سلوكا والتزاما وبرامج إعلامية  ومناهج تعليمية بكافة مراحلها كأسلوب حياة بدلا من الركون إلى التعامل السائد من اللامبالاة و الاستهانة إلى منهجية  الوقاية خير من العلاج.

لقد آن الأوان لنهتم شأن  جميع دول العالم بالثروة العقارية مع استدامة الحفاظ عليها  من خلال تقرير نسبة الإشراف علي الأعمال الهندسية في جميع أشكالها مع إضافة أعمال الصيانة علي النحو المشار إليه وذلك باستخدام أحدث التقنيات العلمية والأبحاث الهندسية في البناء والتشييد والصيانة ،خاصة  بعد  سلسلة  انهيارات  المباني  السكنية المتكررة بمصر والتي  آخرها  عمارة  لوران  بالإسكندرية، فقد أصبح من الضروري وجوب إزالة أي خلل  تشريعي ،أو هندسي ، أو إداري، أو اقتصادي ، أو تعليمي، أو تثقيفي في مجال الإشراف علي الأعمال الهندسية للتحقق من مطابقته لأصول الصناعة المرعية ثم إجراء أعمال الصيانة  اللازمة  .

إن الأمر جد مهم ويستأهل طرحه  للنقاش العام والدراسة المستفيضة لإثرائه و إدخال اى تعديلات عليه والوقوف على تفصيلاته بما يكفل تحقيق أهدافه المرجوة توطئة لعرضه على السلطة المختصة واتخاذ إجراءات العمل به

                                  

 

                                                                                 


اقرأ ايضآ

عداد البغدادية
بواسطة صلاح شمشير البدري
الجمعة,28 فبراير 2014 - 02:13 م
إقرا المزيد
رأس الحكمة مخافة الله
بواسطة محمد ابونار
الأربعاء,20 يونيو 2012 - 12:08 م
إقرا المزيد
قد الدنيا .......أم الدنيا
بواسطة abdelghanyelhayes
الخميس,31 أكتوبر 2013 - 02:03 ص
إقرا المزيد
مرسى راجع القصر
بواسطة abdelghanyelhayes
الأحد,25 أغسطس 2013 - 05:19 ص
إقرا المزيد
يوميات سرقوا الثورة (5) يوميات سرقوا الثورة (5)
بواسطة أبومؤيد
الأحد,14 أكتوبر 2012 - 08:39 ص
إقرا المزيد
الشعب فى خدمة الشرطة
بواسطة abdelghanyelhayes
الخميس,7 نوفمبر 2013 - 01:40 ص
إقرا المزيد
دعوي قضائيه شعبيه
بواسطة easam69@hotmail.com
الثلاثاء,19 مارس 2013 - 07:28 ص
إقرا المزيد

التعليقات

الآراء الواردة تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع




الأكثر قراءة

عقوبات التزوير في القانون المصري - عدد القراءات : 80587


الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد القراءات : 68867


تعريف الحكومة وانواعها - عدد القراءات : 56315


النظام السـياسي الفرنسي - عدد القراءات : 53342


طبيعة النظام السياسي البريطاني - عدد القراءات : 51730


مفهوم المرحلة الانتقالية - عدد القراءات : 49617


معنى اليسار و اليمين بالسياسة - عدد القراءات : 46557


مفهوم العمران لابن خلدون - عدد القراءات : 46245


ما هى البورصة ؟ و كيف تعمل؟ وكيف تؤثر على الاقتصاد؟ - عدد القراءات : 44825


منظمة الفرانكفونية(مجموعة الدول الناطقة بالفرنسية) - عدد القراءات : 44339


الاكثر تعليقا

هيئة الرقابة الإدارية - عدد التعليقات - 38


اللقاء العربي الاوروبي بتونس من أجل تعزيز السلام وحقوق الإنسان - عدد التعليقات - 13


ابو العز الحريرى - عدد التعليقات - 10


الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي: رياح التغيير تعصف بعروش الدكتاتوريات العربية - عدد التعليقات - 9


لا لنشر خريطة مصر الخاطئة او التفريط في شبر من أراضيها - عدد التعليقات - 7


الجهاز المركزي للمحاسبات - عدد التعليقات - 6


تعريف الحكومة وانواعها - عدد التعليقات - 5


الليبرالية - عدد التعليقات - 4


محمد حسين طنطاوي - عدد التعليقات - 4


أنواع المتاحف: - عدد التعليقات - 4


استطلاع الرأى