الأربعاء,16 يناير 2013 - 02:05 ص
: 2969
كتب أ.د. محمد نبيل جامع
mngamie@yahoo.com
رجل والرجال قليلُ، أسواني أبنودي وقنديلُ، هو عيسى، إبراهيم أبو خليلُ، حماة الثورة، راعوها، وشباب حر كريم ذكي رباني مكملوها... مكملوها ... مكملوها. وأبشري يا مصر الكنانة. صدمني، أو قل أفاقني، كلام إبراهيم أبو خليل في برنامجه "هنا القاهرة"، وتابعه في مقاله اليوم في التحرير بعنوان "تبا لك أيها الوغد"،
edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d
حيث يدعو الأحزاب السياسية إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية لأسباب منطقية ذكرها في قوله ومقاله. نحن الآن، أمام موقف ثلاثي الأبعاد تحيط أبعاده بحقيقة أصبحت مؤكدة لا لبس فيها. الحقيقة هي اختطاف الإخوان الطائفيين، ومعهم طفيليون سياسيون، لأعتى دولة وطنية، هي أم الحضارة العالمية، في الشرق الأوسط وإفريقيا، ظانين أنهم سيحققون خلافتهم الرشيدة وحكم العالم وأستاذيته متسربلين بدين هم آخر من يفقهوه أو ينفذوا تعاليمه وأخلاقه السامية. الأبعاد الثلاثية هي مواقف الشعب تجاه هذه الحقيقة. البعد الأول هو قوم غافلون مغيبون يعتبرون أنفسهم جنودا وتابعين ومؤمنين بصحة هذه الحقيقة، حقيقة اختطاف الجماعة الفاشية الإخوانية لمصر، ويدعوهم المرشد للاستشهاد، البعد الثاني، قوم مقتنعون بهذه الحقيقة، ولكنهم يستسلمون لهذا الاختطاف ويظنون أن الجماعة الإخوانية ستأخذهم إلى تمكين الإسلام وبناء الدولة الحديثة ومستعدون للانتظار وإعطاء الإخوان فرصة الحكم وانتظار الخير والشهد والعسل. أما البعد الثالث فهم المعارضون، جماعة غالبة واعية من الشعب المصري، مؤمنون بل موقنون بأن الجماعة الإخوانية الفاشية ماضية ماضية في ضلالها، ولو أدى الأمر إلى حرب أهلية أو بحيرات من الدماء، وذلك لتحقيق أهدافهم المعروفة، والتي يقال عنها في علم التنظيم الاجتماعي "الأهداف الرسمية" أو "الأهداف المعلنة". معنى ذلك أن هناك أهدافا "فعلية" أو "غير معلنة". الأهداف الفعلية أو غير المعلنة هي "حفاظ الجماعة على وجودها واستمرارها ومكتسباتها الانتهازية وخاصة بالنسبة لقياداتها التي تستحوذ على السلطة والقوة والنعيم الدنيوي وإشباع شهوة الحكم وشبق السيطرة"، وبعد ذلك تبا لأهدافهم الأصلية المعلنة، "وطز في الشعب الإخواني". ومرة أخرى هذا هو "القانون الحديدي لحكم القلة" أو "القانون الحديدي للسلطة الهرمية"، The Iron law of oligarchy. كل مواطن حر، وأنا أحترم اختياره، إما أن يكون جنديا للجماعة الطائفية، وإما أن يكون متفرجا منتظرا خير الجماعة وشهدها، وإما أن يكون معارضا موقنا بأن الجماعة الفاشية ضالة عن طريق الثورة ومستقبل مصر الحديثة الإسلامية السمحة. لقد تحقق حلم الجمل بالنسبة لي، والذي تأكد الآن، ومن ثم فلابد من عقل هذا الجمل وترويضه لكي تتحول الجماعة الفاشية إلى جماعة دعوية معلنة قانونية كما تدعي، وتسعى لأستاذية العالم بتمثل خلق الإسلام والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. والآن، دعوة الأستاذ إبراهيم عيسى لمقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية في الميزان. الميزة الوحيدة لمشاركة المعارضة والأحزاب السياسية في الانتخابات هي المواجهة الميدانية، وتقليل الأضرار والمصائب التي تترتب على حكم الجماعة الطائفية إلى الحد الأدنى قدر الإمكان وذلك بعدم ترك الميدان لهم يفعلون فيه ما يشاءون. أما العيب الأعظم لمشاركة المعارضة في الانتخابات البرلمانية فهو إعطاء بعضٍ من الشرعية للقرارات التخريبية للجماعة الطائفية، بالإضافة إلى تهدئة المعارضة وتقليم أظافرها. كل هذا بافتراض عدم حصول المعارضة على الأغلبية البرلمانية، وهو الأمر شبه المؤكد نظرا لأسباب شرحها أبو الخليل إبراهيم القدير في برنامجه ومقاله. الخلاصة: بالرغم من عدم حقيقة اليقين في السلوك الإنساني إلا أن أقرب الأمور إلى اليقين هي استحالة التقدم الاقتصادي وبناء الدولة في ظل الانشقاق الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي، وهذا ما نجحت الجماعة الطائفية في خلقهما بدرجة "ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى" في مصر البائسة حاليا، وهي جماعة عاجزة حقا عن تحقيقهما لأسباب بنيوية في طبيعتها وأيديولوجيتها وتورطاتها. الطريق الحتمي إذن هو الخراب والانهيار المصري، ومن ثم فلابد من المواجهة والمعارضة من أجل تغيير هذا المسار. ونظرا لأن الحديد لا يفله إلا الحديد، فعدم الاستقرار السياسي لا يفله إلى العصيان السياسي الذي يشل الحركة السياسية للجماعة الطائفية كالمطرب الذي يغني دون جمهور، وهنا تصبح الجماعة الطائفية في نظر الشعب والعالم أجمع "منبوذا عالميا" International pariah. هل يستطيع السياسيون المرتزقة أن يشاركوا زملاءهم الوطنيين فعلا في هذه المقاطعة الانتخابية البرلمانية؟ ربما حان الوقت أن يتطهر هؤلاء، ويبدؤوا مرحلة سياسية جديدة بعد اكتمال الثورة الينايرية الحبيبة. وإذا ما شذ هؤلاء عن التوحد مع زملائهم، فهنا أرجو ألا تؤلمهم كلمة الأوغاد، فهي أهون الصفات لـ "رجال" فقدوا معنى الحرية والكرامة والعدالة والعزة الوطنية والخلافة الحقة لله في أرضه.