الأحد,19 يناير 2014 - 01:08 ص
: 1842
كتب هوشنك فرزنده هركي
hoshang_harky@yahoo.com
بين الفترة والأخرى تخرج التصريحات من جانب سلطةالمركز وكذلك الإقليم وتبشر بوجود نزاع جديد حول موضوع معين بين السلطتين في العراق
edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d
الدول تتألف من ثلاثة أركان: الشعب - الإقليم - السلطة, وإذا غاب أحد هذه الاركان فالدولة هي معدومة. الدول تنقسم إلى نوعين دول بسيطة ودول مركبة. الدول البسيطة (الموحدة) هي التي تكون السيادة فيها موحدة, فتظهر الدولة كوحدة واحدة, وتكون السلطة فيها واحدة, ويكون شعبها وحدة بشرية متجانسة، وإقليم موحد. ومهما إتسع اقليم الدولة فهذا لا يؤثر وكذلك فأن شكل الحكم أيضا لا يؤثر سواء كان ملكيا او جمهوريا. ومن أمثلة الدول البسيطة كل من فرنسا ومصر. نأتي الى الدول المركبة (الأتحادية) فهي بدورها تنقسم إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول هو الأتحاد الشخصي ويعني إتحاد دولتين ليكونا تحت سلطة شخص واحد ولكن الدول تبقى محتفظه بأستقلالها الخارجي والداخلي أيضآ (أي لايتكون دولة جديدة بعد الأتحاد الشخصي). النوع الثاني من الدول المركبة هو الإتحاد الفعلي ويتكون هذا النوع من إتحاد دولتين او أكثر بحيث تنتهي هذه الدول (تفقد شخصيتها الدولية) وتظهر دولة جديدة ذو شخصية دولية و تعتبر الحرب بين الدول الأعضاء ان وقعت حربا أهلية. أما النوع الثالث والذي سنسلط الضوء عليه في مقالنا هذا هو الأتحاد المركزي ويسمى أيضا بالأتحاد الفدرالي أو الدولة الإتحادية. فيوجد سلطتين في هذا النوع من الدول وهي السلطة الإتحادية (الفدرالية) وكذلك سلطة الإقاليم. وإن الدستور الأتحادي (الفدرالي) هو الذي ينظم العلاقة بين سلطة الإقليم و السلطة الإتحادية. ولكن تحدث هناك مشاكل كبيرة تؤثر على الدولة من جميع النواحي إذا كانت النصوص الدستورية غير واضحة بقدر كافي وبحيث انها تقبل التأويل والتفصيل بشكل كبير ومختلف.فإن ذلك يولد نزاعا بين السلطة الإتحادية وسلطة الإقليم ويبدأ التأويل من قبل الطرفين من أجل استغلال هذا الضعف الموجود في النصوص الدستورية المبهمة و خير مثال هو الدستور العراقي النافذ.
يحكم العلاقة ما بين المركز والإقليم في العراق نوع من التوتر والذي يتعلق بالإختصاصات الموزعة ما بينهما، والمشكلة الاساسية تتعلق بالتأويل الدستوري، منذ إعلان الدستور ونحن نعاني من مسألة معينة وهي ما الصلاحيات التي يتمتع بها المركز قياسا بالصلاحيات التي يتمتع بها الإقليم؟
ان الإضطراب السياسي الذي يعاني منه العراق خلق شعوراً لدى الإقليم بكونه في وضع أقوى من الآخرين إضافة الى أن الدستور العراقي يمنحه صلاحيات واسعة. وأهم قضيتين للأزمة تتعلق احداهما بالجانب السياسي وأخرى تتعلق بالجانب الإقتصادي.
فالجانب السياسي يتعلق بإتفاقية أربيل ما بين الشركاء السياسيين وأصبح هناك شعور بأن الحكومة الإتحادية عجزت عن تحقيق الكثير من واجباتها كالخدمات والتوازن السياسي وجرى نوع من الجدال مابين المركز والإقليم وصل الى درجة مساءلة او إستجواب رئيس الوزراء فدخلت العملية في مسار آخر وهو التجاذب السياسي وهو ما يعني سحب الثقة من رئيس الوزراء والوصول الى المربع الاول. إن الذي حصل هو نوع من المناقشات ولكن دون نتائج ولا احد يسمع الآخر. وإن الإصلاح لايحتاج الى حوار لأن هناك مشاكل مشخصة وإنما الأمر يحتاج الى إدارة ومحاسبة.
أما الجانب الاقتصادي وهو المطروح هذه الأيام فهو يتعلق بقضية النفط وتصديره وعقد الإتفاقات مع شركات أجنبية (التركية مؤخرآ) هو الذي فتح الباب أمام قضايا تتعلق بهوية الجهة المسؤولة عن عقد هكذا إتفاقيات. فالقضايا السيادية تتصل بالمركز تحديدآ أما الإقليم فلم يكن من وجهة نظره متعديآ على الدستور وهو ما يعطيه الحق بالتفاوض على تصدير النفط وعقد الإتفاقيات.
لا شك أن هناك نوعاً من الضعف والتشكيك ما بين الطرفين ومما زاد من المشكلة هو انه كلما ضغط المركز على الإقليم من الجانب الاقتصادي ضغط الإقليم على الحكومة من الجانب السياسي بمعنى انه كلما ارادت الحكومة من الإقليم ان يوقف عمليات التصدير والتعاقد ضغط الإقليم باتجاه سحب الثقة من الحكومة, والعملية هي في تجاذبات ومد وجزر وهذه العملية ما بين المد والجذب تدل على ان العراق لا يزال يعيش مرحلة عدم الاستقرار السياسي ولا يزال غير قادر على حسم قضايا ومشاكل هي كانت مشخصة منذ عام 2005, وفي الحقيقة مثل هذه القضايا ما يحتاج لحلها هو حسن النية وليس التهديد بإتخاذ إجراءات أو مواقف معينة من هذا الطرف او ذاك.
هوشنك فرزنده هركي
ماجستير قانون من الجامعة العالمية الإسلامية – ماليزيا
تدريسي في جامعة نوروز- إقليم كوردستان العراق