الثلاثاء,9 نوفمبر 2021 - 10:55 م
: 1542
كتب هوشنك فرزنده هركي
hoshang_harky@yahoo.com
الهجرة
إزداد في الآونة الأخيرة أعداد الشباب المهاجرين من إقليم كوردستان العراق وذلك عن طريق دولة بيلاروسيا، كمفتاح للدخول إلى أراضي الدول المجاورة المنضوية تحت قبة الإتحاد الاوربي. تاركين خلفهم أحبابهم وأصدقائهم وأرضهم وذكرياتهم، ومتوجهين إلى المجهول بغية الحصول على ملاذ آمن يجلب لنفسهم الراحة والطمأنينة على مستقبل مشرق. وبهدف القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، والوصول إلى الحلول الممكنة لهذه الظاهرة، ينبغي علينا أولاً تحديد أسباب هذه الهجرة، وأهمها هي كالآتي:
1- إرتفاع نسبة البطالة: أكدت دراسة صادرة من البنك الدولي في عام 2021، أن نسبة البطالة لدى الشباب في جمهورية العراق تتجاوز نسبة 36%، أما في إقليم كوردستان فإن النسبة تقارب 29%، وفي تقرير نشرته منظمة السلام والحرية يتبين أن نسبة البطالة زادت من 25% إلى 32% جراء تفشي فايروس كورونا، حيث أن أكثر من 200 ألف عامل قد فقدوا وظائفهم بسبب هذه الأزمة. ويبين الخبير الإقتصادي باسم جميل أنطوان، إن نحو 150 ألف شاب عراقي يتخرجون سنوياً من الجامعات والمعاهد ولا يجدون فرص عمل.
2- الفساد: أدى الفساد الإدراي والمالي الموجود في الإقليم إلى تحول المجتمع من مجتمع متألف من ثلاث طبقات (طبقة غنية، وطبقة متوسطة، وطبقة ذوي الدخل المحدود أو الفقيرة) ، إلى طبقتين فقط، حيث أن الطبقة المتوسطة قد إنطوت تحت غطاء الطبقة الفقيرة، بعد الظروف التي مرت على الإقليم من حرب داعش ومشاكل الموازنة بين حكومة بغداد وحكومة أربيل. وهذا التحول يعتبر ناقوس خطر في المجتمعات، لأن الطبقة المتوسطة هي الطبقة الأوسع في أغلب الدول، فهي تتألف من الموظفين والمهنيين وعوائلهم، وحين تحول هؤلاء الى الطبقة الفقيرة سيؤدي ذلك إلى فساد كبير في مؤسسات الدولة وعدم إستقرار في المجتمع.
3- تحول الخدمات التي يجب أن تكون في إطار القطاع العام والدعم للمواطن إلى القطاع الخاص، الذي يهدف الربح. فالتعليم قد هبط مستواه في المدارس الحكومية، مما أضطر أغلب العوائل إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية، كما أن المستوى الصحي المتهاوي في المستشفيات الحكومية وجه المرضى إلى قصد المستشفيات الأهلية الموجودة في الإقليم، أو حتى السفر إلى خارج العراق لغرض العلاج. حيث نلاحظ في هذه الفترة أن الكثير من الموظفين والمدرسين يبحثون عن عمل أضافي من أجل سد أحتياجاتهم المالية لغرض الإيفاء بإلتزاماتهم و عدم الغوص في متاهات الديون.
4- إزدياد الوعي السياسي والثقافي لدى الشباب الكوردستاني: حيث أن طبقة الشباب بدأت تقرأ وتستقصي المعلومات، من خلال شبكة الإنترنت و وسائل التواصل الإجتماعي، عن حياة أفضل مما هو عليه في الإقليم. فالشباب بدؤا الخوف على مستقبلهم الغير مؤمن. فبعد سنين من الدراسة وجد نفسه بلا عمل ولا وارد. فكيف سيستطيع تكوين عائلة ؟ والذي إستطاع تكوين العائلة كيف سيقوم بتأمين إحتياجاتها؟ وهذا كله يعطيه الجرأة للسفر والبحث عن ملاذ آمن يستطيع من خلاله توفير ما كان يتمنى الحصول عليه في بلده الأم.
وبعد بيان هذه الأسباب، وجدنا أنه من واجباتنا كباحثين أكاديميين وضع البعض من الحلول لعل وعسى أن يقرأها أحد المتنفذين في حكومة الإقليم، ويقوم بالإستفادة منها ، والحلول هي:
1- توفير فرص للعمل : إن إرتفاع أسعار النفط إلى ما يزيد عن 75 دولار أمريكي للبرميل، يعطي الفرصة لحكومة الإقليم من أجل النهوض بواقع الشباب، حيث ينبغي على الحكومة توظيف هذه الأموال في تنفيذ إصلاحات في القطاع الإقتصادي و بناء مشاريع و معامل بهدف إستثمار هذا الرأسمال البشري. بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص وتوفيربيئة سليمة وآمنة من أجل إستقطاب رؤوس الاموال و دفعهم إلى توظيف الشباب.
2- القضاء على الفساد والمحسوبية: مع بدء الكابينة التاسعة برئاسة الأستاذ مسرور البارزاني، أستبشر الناس خيراً، حيث وضع في أولويات حكومته محاربة الفساد (باللغة الكوردية جاكسازى)، وبعد مرور ما يقارب سنتين من عمر الحكومة، نلاحظ أن العمل مستمر ولكن ما زال الفساد موجوداً ، فالمشاريع السكنية والخدمية ما زالت بيد أشخاص يمكن تعدادهم بعدد الأصابع، ولحد اللحظة لم نشاهد مثول أحد حيتان الفساد أمام المحاكم في الإقليم. فعندما يرى الشاب قوة الحكومة و خطوات مسيرتها الصحيحة، لن يتغلغل اليأس إلى نفسه، بل سيبدأ الأمل ينعش في جسده وفكره.
3- منح القروض للشباب للبدء بمشاريع صغيرة: تقوم الحكومات في أغلب الدول المتقدمة، بدعم أفكار الشباب من خلال منحهم قروض طويلة الأجل. و تبدء بتكوين لجان متخصصة لإستقبال خطط هذه المشاريع من أجل الموافقة عليها و تقديم القروض للبدء بها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه على الحكومة متابعة هذه المشاريع بعد تنفيذها بهدف التقييم والتوجيه لتحقيق المصلحة العامة من خلال هذه المشاريع الصغيرة.
4- بناء المجمعات السكنية وبيعها للموظفين والشباب بأقساط مريحة وبأسعار مدعومة، وليس ترك هذه المجمعات فقط للقطاع الخاص، والذي يبيع الوحدة السكنية بما يقارب الضعف من ما تم إنفاقه.
وفي الختام، هذه الأسباب والحلول التي تم مناقشتها في هذا المقال، ليست إلا جزء يسير مما هو ممكن، ولكن إحساسنا بالمسؤولية دفعنا للتطرق إلى الموضوع، ودمتم بصحة وسلامة و إستقرار.
د. هوشنك فرزندة اغا الهركي
جامعة دهوك