حبيبتي سلمى صباحي وأبا الرجال حمدين

17-05-2013 08:07 PM - عدد القراءات : 3723
كتب نبيل جامع
mngamie@yahoo.com

"طعن الخناجر ولا حكم الخسيس فيا" ، إمضاء: بن مصر القمحي الملك محمد منير. قرأت في جريدة عكاظ أن لصا سرق 220 جنيه استرليني من رجل ميت وهو لا زال بأحد المستشفيات البريطانية، فتذكرت الذي يأكل لحم أخيه ميتا. أليس هذا بالخسيس؟ المجتمع المصري، شأنه شأن غيره من المجتمعات الإنسانية يعج بمختلف الشخصيات العديدة، وهذا شأن الله سبحانه وتعالى في خلقه.

edf40wrjww2News:news_body
fiogf49gjkf0d
تجد هناك الإنسان الطيب، الذي يألف ويؤلف، هادئ الطبع، طيب القلب، يثق في الغير، ولا يحقد عليهم، يحسن الإنصات ويفي بالعهد ولا ينقض الأيمان.

وهناك الإنسان الفظ، قاسي القلب، متصلب الرأي، مغرور، لا يجادلك بالحسنى.
وهناك الإنسان المعتمد على الغير الذي تجده مترددا غير واثق من نفسه، بيروقراطي، غير قادر على اتخاذ القرار. وهناك الإنسان البارد البِلِطْ، لا يتأثر، ينصت جيدا ويفهم جيدا، ولكنه يتهرب من الإجابة على أية أسئلة، لا يعترض، متبلد غير عاطفي.

وهناك الإنسان "الغلباوي" الذي لا يتوقف عن الحديث، متعال، مغرور، يتخيل أمورا كثيرة، لا يركز على موضوع الحديث، ولكثرة كلامه كثيرا ما يقع في أخطاء غير مقصودة. وهناك الإنسان المخالف، المعتنق لمبدأ "خالف تعرف"، أناني، لا يحبه الناس، لا يثق في نفسه، تقليدي الفكر، عنيد، مغرم بسرد بطولاته وتاريخه.

وهناك الإنسان "المتهرقط"، يظن أنه موسوعة المعرفة ومدينة العلم، وإفلاطون عصره، دائم المعارضة، مسيطر، يسخر من الآخرين، متعصب، مغرور، دائم الحديث عن نفسه. وهناك الإنسان الخجول، فاقد الثقة بالنفس، ينطوي على نفسه، يتسم سلوكه بالارتباك والعشوائية. وهناك الإنسان دائم الشكوى، وهناك الإنسان المتصيد لأخطاء الآخرين،

وهناك ... وهناك .... نماذج بشرية أخرى كثيرة قد لا يمكن حصرها، إلا أن ما يعجبني أكثر شيء من بين الشخصيات البشرية فهو الإنسان ذو الفكر الإيجابي الحر، ذلك الإنسان ذو المواقف، وصاحب الكلمة، حتى أن لي شخصيا كلمة شهيرة يعلمها أصدقائي عني، وهي "الرجل كلمة". الشخص المفكر الحر يتخذ مواقف إيجابية وسطية معقولة، متحمس، ذكي، ينظر دائما إلى النتائج والخلاصات، ويوجه الأسئلة البناءة، يقبل الاختلاف، رقيق الاعتراض، يحسن الإصغاء وفهم الآخر، واقعي يحسن اتخاذ القرارات.

أما قضية سلمى، حبيبتنا وفلذة كبد أبي الرجال حمدين، فتذكرني بأسوأ الشخصيات على الإطلاق في نظري ، ألا وهي شخصية "الخسيس". الخسيس أثًًر في الفنان الشعبي أحمد عدوية فترنم فيه بهذه الكلمات لتسجل أبلغ كلمات الموال الشعبي: "الصاحب اللي يخون عيشك لابد يوم تنساه، والخسيس مهما الزمان علاه، والأصيل أصيل يا عيني معدنو جاه والدهب دهب لو في التراب تلقاه." وهل ننسى أيقونة الموال شفيق جلال رحمه الله: "يا خسارة الحر لما تغيره الأيام، يصفر لونه ويبقي عبرة للأيام، خسيس قال للأصيل تعالي عندنا خدام، تاكل وتشرب وتبقي من جملة الخدام، ضحك الأصيل وقال عجبي عليك يا زمان حوجتني للخاين واللي مالوش أمان، انا اطلع فوق جبل عالي ياكلوني حدا وغربان، ولا يقولوش الأصيل عند الخسيس خدام." لم نكن نعلم قبل ثورة يناير،

أن مصر كان فيها ذلك العدد من شخصية "الخسيس". الخسيس الذي يأكل لحم أخيه ميتا، الذي يلتهم ما طاب من موائد محمد مرسي كما كان يلتهمها تماما على موائد محمد حسني. أشعبي طفيلي يدوم ما دام هناك عائل مستبد يتذلل له الخسيس، يصفق له، ويمسح حذاءه، لا يحب إلا عطاءه، ويستمر في امتصاص دمه حتى يموت العائل المستبد، وينتقل الخسيس إلى عائل غيره، أو يموت من بعده من بعد قبره. الخسيس لا يعلم أنه مكروه، حتى مكروه من الجن قبل الإنس. الخسيس لا يعلم أنه غير مكتمل للرجولة، يفعل أفاعيله من وراء جدر، ومن خلف الستار، لأنه جبان. الخسيس "يتشطر" على الضعيف الغلبان، يكون أول حملة السكاكين بعد وقوع "البقرة". لا يحب الظهور وهو ينهش لحم الضحية. يبدو لي أن التطابق يكاد يكون كاملا بين "الخسيس" من ناحية، و "النذل" من ناحية أخرى.

عندما يلتقي محاربان "رجلان"، وقد سقط السيف من أحدهما، يلتقط الآخر السيف ويعطيه لصاحبه قبل أن يستمر في قتاله، أما أنت أيها الخسيس فلا تحارب الرجال أبدا، وإنما تحارب الضعفاء المستضعفين، تمص دماءهم وتطعنهم من وراء ظهورهم. لقد نجح الحكم الإخواني في شق المجتمع المصري كما لم يحدث من قبل في تاريخه، ولن ننسى من أعطاهم الفرصة لذلك، ألا وهو المجلس العسكري السابق. لقد وضع الحكم الإخواني العقوبة موضع الإحسان، ووضع الإحسان موضع العقوبة. الثوار قد عُنفوا وتم التحرش بهم، عوقبوا وعذبوا وقتلوا، والخسيس يعوم في أنهار من العسل ... التاريخ يضحك ويسخر وهو يسجل بكل موضوعية هذه المهازل التي تحدث اليوم، وتسطر نهاية تاريخ الفاشية الإخوانية وظلام ما يسمى بـ "الإسلام السياسي." صبرا أيها الثوار، وصبرا حبيبتي سلمى، أما أنت أيها الزعيم الحق حمدين، إياك أن تنصت لهرطقة الكارهين الحاقدين، أنا أراك من أعماقك، وأثق في بصري، فأنت كما قال عنك الأستاذ حمدي رزق، يا حمدين ما يهزك ريح.